يقسم الله في هذه السورة بثمرتين مباركتين ، ومكانين طيبين على أنه خلق الإنسان في أعدل صورة ، مكملا بالعقل والإرادة إلى غير ذلك من صفات الكمال ، ثم ذكرت الآيات أن الإنسان لم يقم بمقتضى خلقته ، فنزلت درجته إلى أسفل سافلين ، إلا من آمن وعمل الصالحات فقد مد له في العطاء ، ثم اتجهت السورة منكرة على من كذب بالبعث بعد ظهور أدلة قدرته وأنباء حكمته .
{ والتين والزيتون } قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وعطاء ابن أبي رباح ، ومقاتل ، والكلبي : هو تينكم هذا الذي تأكلونه ، وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت . قيل : خص التين بالقسم لأنها فاكهة مخلصة لا عجم لها ، شبيهة بفواكه الجنة . والزيتون شجرة مباركة جاء بها الحديث ، وهو تمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح . وقال عكرمة : هما جبلان . قال قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس ، لأنهما ينبتان التين والزيتون . وقال الضحاك : هما مسجدان بالشام . وقال ابن زيد : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون : مسجد إيليا .
بسم الله الرحمن الرحيم والتين والزيتون خصهما من الثمار بالقسم لأن التين فاكهة طيبة لا فصل له وغذاء لطيف سريع الهضم ودواء كثير النفع ، فإنه يلين الطبع ، ويحلل البلغم ، ويطهر الكليتين ، ويزيل رمل المثانة ، ويفتح سدد الكبد والطحال ، ويسمن البدن ، وفي الحديث أنه يقطع البواسير وينفع من النقرس ، والزيتون فاكهة وإدام ودواء وله دهن لطيف كثير المنافع مع أنه قد ينبت حيث لا دهنية فيه كالجبال . وقيل : المراد بهما جبلان من الأرض المقدسة أو مسجدا دمشق وبيت المقدس أو البلدان .
وهي مكية ، لا أعرف في ذلك خلافا بين المفسرين{[1]} .
اختلف الناس في معنى { التين والزيتون } اللذين أقسم الله تعالى بهما ، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل : هو { التين } الذي يؤكل { والزيتون } الذي يعصر ، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه تيناً أهدي إليه ، فقال : «لو قلت إن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم{[11890]} ، فكلوا فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس »{[11891]} ، وقال عليه السلام : «نعم السواك سواك الزيتون ومن الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي{[11892]} » ، وقال كعب وعكرمة : القسم بمنابتها ، وذلك أن { التين } ينبت بدمشق ، { والزيتون } ينبت بإيلياء فأقسم الله تعالى بالأرضين ، وقال قتادة : هما جبلان بالشام ، على أحدهما دمشق ، وعلى الآخر بيت المقدس ، وقال ابن زيد : { التين } مسجد دمشق ، { والزيتون } مسجد إلياء ، وقال ابن عباس وغيره : { التين } مسجد نوح { والزيتون } مسجد إبراهيم ، وقيل { التين والزيتون وطور سينين } ، ثلاثة مساجد بالشام ، وقال محمد بن كعب القرظي : { التين } مسجد أصحاب الكهف ، و { الزيتون } مسجد إيلياء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.