المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} (59)

59- يا أيها الذين صدَّقوا بما جاء به محمد أطيعوا الله ، وأطيعوا الرسول ، والذين يلون أمركم من المسلمين القائمين بالحق والعدل والمنفذين الشرع ، فإن تنازعتم في شيء فيما بينكم فاعرضوه على كتاب الله وعلى سنة رسوله لتعلموا حكمه ، فإنه أنزل عليكم كتابه وبينه رسوله ، وفيه الحكم فيما اختلفتم فيه ، وهذا مقتضى إيمانكم بالله واليوم الآخر ، وهو خير لكم ، لأنكم تهتدون به إلى العدل فيما اختلفتم فيه ، وهو أحسن عاقبة ، لأنه يمنع الخلاف المؤدِّى إلى التنازع والضلال .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} (59)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } . اختلفوا في أولي الأمر ، قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهم : هم الفقهاء والعلماء الذي يعلمون الناس معالم دينهم ، وهو قول الحسن ، والضحاك ، ومجاهد . ودليله قوله تعالى : { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } [ النساء :83 ] . وقال أبو هريرة : هم الأمراء والولاة ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ، ويؤدي الأمانة ، فإذا فعل ذلك فحق علي الرعية أن يسمعوا ، ويطيعوا .

أخبرنا أبو علي حسان بن سعد المنيعي ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أنا أحمد بن يوسف السلمي ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن همام بن منبه ، أنا أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني ) .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أنا محمد ابن إسماعيل ، أنا مسدد ، أنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، حدثني نافع ، عن عبد الله رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) .

أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن محمد الراودي ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أنا أبو مصعب عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد ، أخبرني عبادة بن الوليد ابن عبادة أن أباه أخبره عن عبادة بن الصامت قال : ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، وعلى أمرة علينا ، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله ، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم . أخبرنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد القفال ، أنا أبو منصور أحمد بن الفضل البروجردي ، أنا أبو بكر بن محمد بن همدان الصيرفي ، أنا محمد بن يوسف الكديمي ، قال : أخبرنا أبو داود الطيالسي ، عن شعبة عن أبي التياح عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر : ( اسمع وأطع ولو لعبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) .

أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أنا أبو محمد بعد الجبار بن محمد الجراحي ، أنا أبو العباس ، أنا محمد بن أحمد المحبوبي ، أنا أبو عيسى الترمذي ، أنا موسى بن عبد الرحمن الكندي ، أنا زيد بن الحباب ، أنا معاوية ابن صالح ، حدثني سليم بن عامر قال : سمعت أبا أمامة رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال : ( اتقوا الله ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم ) .

وقيل : المراد أمراء السرايا .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا صدقة بن الفضل ، أنا حجاج ابن محمد ، عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) . قال : نزلت في عبيد الله ابن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية . وقال عكرمة : أراد بأولي الأمر ، أبا بكر ، وعمر رضي الله عنهما .

حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التهمي ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان ابن القاسم ، أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، أنا عمرو بن أبي غرزة بالكوفة ، أخبرنا ثابت بن موسى العابد ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لا أدري ما بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ) .

وقال عطاء : هم المهاجرون ، والأنصار ، والتابعون لهم بإحسان بدليل قوله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) الآية .

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد ابن الحارث ، أنا محمد بن يعقوب الكسائي قال : أخبرنا عبد الله بن محمود ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ، أنا عبد الله بن المبارك ، عن إسماعيل المكي ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام ، لا يصلح الطعام إلا بالملح ) .

قال الحسن : قد ذهب ملحناً فكيف نصلح .

قوله تعالى : { فإن تنازعتم } . أي : اختلفتم .

قوله تعالى : { في شيء } من أمر دينكم ، والتنازع اختلاف الآراء ، وأصله من النزاع فكأن المتنازعين يتجاذبان ويتمانعان .

قوله تعالى : { فردوه إلى الله والرسول } . أي : إلى كتاب الله وإلى رسوله مادام حيا ، وبعد وفاته إلى سنته ، والرد إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما ، فإن لم يوجد فسبيله الاجتهاد ، وقيل : الرد إلى الله تعالى والرسول أن يقول لما لا يعلم : الله ورسوله أعلم .

قوله تعالى : { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك } ، أي : الرد إلى الله والرسول .

قوله تعالى : { خير وأحسن تأويلاً } أي :أحسن مآلاً وعاقبة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} (59)

{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } يريد بهم أمراء المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده ، ويندرج فيهم الخلفاء والقضاة وأمراء السرية . أمر الناس بطاعتهم بعدما أمرهم بالعدل تنبيها على أن وجوب طاعتهم ما داموا على الحق . وقيل علماء الشرع لقوله تعالى : { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } . { فإن تنازعتم } أنتم وأولو الأمر منكم . { في شيء } من أمور الدين ، وهو يؤيد الوجه الأول إذ ليس للمقلد أن ينازع المجتهد في حكمه بخلاف المرؤوس إلا أن يقال الخطاب لأولي الأمر على طريقة الالتفات . { فردوه } فراجعوا فيه . { إلى الله } إلى كتابه . { والرسول } بالسؤال عنه في زمانه ، والمراجعة إلى سنته بعده . واستدل به منكرو القياس وقالوا : إنه تعالى أوجب رد المختلف إلى الكتاب والسنة دون القياس . وأجيب بأن رد المختلف إلى المنصوص عليه إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه وهو القياس ، ويؤيد ذلك الأمر به بعد الأمر بطاعة الله وطاعة رسوله فإنه يدل على أن الأحكام ثلاثة مثبت بالكتاب ومثبت بالسنة ومثبت بالرد إليهما على وجه القياس . { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } فإن الإيمان يوجب ذلك . { ذلك } أي الرد . { خير } لكم . { وأحسن تأويلا } عاقبة أو أحسن تأويلا من تأويلكم بلا رد .