اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} (59)

اعلم أنَّهُ تعالى لما أمر الولاة بالعَدْلِ ، أمر الرعية بطاعة الوُلاَةِ .

قال ابْنُ عَبَّاسٍ وجَابِرٌ : أولو الأمْرِ : [ هُمُ ]{[8424]} الفُقَهَاءُ ، والعلماءُ الَّذِينَ يعلِّمُونَ النَّاسَ دينهم{[8425]} .

وهو قَوْلُ الحَسَنِ ، والضَّحاكِ ومُجاهِدٍ . لقوله تعالى { ولو ردوه إلى الرسول [ وإلى ]{[8426]} أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } .

وقال أبُو هُرَيرَة : هم الأمَرَاءُ والوُلاة{[8427]} ، وقال عليُّ بْنُ أبي طالبٍ : حقٌّ على الإمام أن يَحْكُمَ بما أنْزَلَ اللَّهُ ، ويُؤَدِّي الأمَانَة ، فإذا فَعَلَ ذلك ؛ حَقَّ علي الرَّعِيَّةِ أنْ يَسْمَعُوا ، وَيُطِيعُوا{[8428]} .

وروى أبُو هُرَيْرَة قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَنْ أطَاعَنِي ؛ فَقَدْ أطَاعَ اللَّهَ ، ومَنْ يَعْصِنِي ، فَقَدْ عَصَى اللَّه ، ومَنْ يُطِعِ الأمِيرَ ؛ فَقَدْ أطَاعَنِي ومن يعصي الأميرَ ، فَقَدْ عَصَانِي " {[8429]} وقال عليه الصَّلاةُ والسلامُ " السَّمْعُ والطَّاعَةُ على المرءِ المُسْلِمِ فيما أحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤمَرْ بِمَعْصِيَةٍ فَإذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ ، فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ " {[8430]} .

وروى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قال : بَايَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على السَّمْعِ والطَّاعَةِ في اليُسْر ، والعُسْر{[8431]} ، والمَنْشَطِ ، والمَكْرَه ، وألاَّ نُنَازعَ الأمْرَ أهْلَهُ ، وأنْ نَقُومَ ، أوْ نَقُولَ بالحَقّ ، حَيْثُ مَا كُنَّا ، لا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ{[8432]} .

وعن أنَسٍ : أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذرّ : " اسْمَعْ ، وأطِعْ وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيّ كأنَّ رَأسَهُ زَبيبة " {[8433]} .

وروى أبُو أمَامَةَ قال : " سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطِبُ في حجة الوَدَاعِ فقالَ : " اتَّقُوا اللَّهَ ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ ، وأدُّوا زَكَاةَ أمْوالِكُمْ ، وأطِيعوا إذَا أمَرَكُم ؛ تَدْخُلُوا جَنَّةَ ربِّكُم " {[8434]} .

وقال سعيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عن ابن عبَّاسٍ المُرَادُ أمَرَاء السَّرَايَا{[8435]} قال : نزلت هذه الآية في عبيد الله بن أبي حُذَافَةَ بْنِ قَيْس بْن عدِيّ السّهميّ إذ بعثه النّبي صلى الله عليه وسلم [ في سرية ، وعن ابن عباس أنَّها نزلت في خَالدِ بْنِ الوَلِيدِ بَعَثَهُ ]{[8436]} النبي صلى الله عليه وسلم على سَرِيَّةٍ ، وفيها عَمَّارُ بْنُ يَاسِر{[8437]} فجرى بَيْنَهُمَا اخْتِلاف في شَيْءٍ ، فَنَزَلَتْ هذه الآية{[8438]} .

[ و ]{[8439]} قال عكْرمَة : أولو الأمْرِ أبُو بَكْر وعُمَر ؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام - " [ اقتدوا ] {[8440]}باللذيْنِ من بَعْدِي أبِي بكْرٍ وعُمَر " {[8441]} ، وقيلَ : هم الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُون{[8442]} .

وقال عَطَاء : هم المُهَاجِرُون والأنْصَار ، والتَّابِعُون لهم بإحْسَانٍ{[8443]} ؛ لقوله - تعالى - :

{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ } [ التوبة : 100 ] الآية ، ولقوله- عليه السلام - : " مَثَلُ أصْحَابِي في أمَّتِي كالمِلْحِ في الطَّعَامِ ، ولا يَصْلُح الطَّعَامُ إلا بالمِلْحِ " {[8444]} ، وقال الحسَن{[8445]} : قد [ ذهب ]{[8446]} مِلحُنَا ، فكيف نَصْلُحَ .

ونُقِلَ عن الرَّوافِضِ أنَّ المُرَاد بأولي الأمْرِ : الأئِمُّة المَعْصُومون .

فإن قيل : طَاعَةُ الرَّسُولِ هي طاعَةُ اللَّهِ ، فالمعنى{[8447]} العَطْفُ .

فالجواب : قال القَاضِي{[8448]} : الفَائِدَةُ في ذَلِكَ بَيَان الدِّلالَتَيْنِ ، فالكتاب يَدُلُّ على أمْرِ اللَّه ، ثم يُعْلَم مِنْهُ أمر الرَّسُولِ لا مُحَالَة ، والسُّنَّة تدلُّ على أمْرِ الرَّسُول ، ثم يُعْلَم مِنْهُ أمر اللَّهِ لا محالة ، فَدَلّ قوْلُه : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } على وُجُوب مُتَابَعَة الكِتَابِ والسُّنَّةِ .

فصل في معنى " الطَّاعَة "

قالت المعتزلة : الطَّاعَة موافقَةُ الإرَادة ، وقال أهْل السُّنَّة : الطَّاعَةُ مُوافقَةُ الأمْرِ لا مُوافَقَةُ الإرَادَةِ ؛ لأنَّ اللَّه قد يَأمُر ولا يُريدُ ؛ كما أمر أبَا لَهَبٍ بالإيمَانِ مع أنَّه لم يُرِدْهُ منه ، إذ لو أرَادَهُ لوقع لا مَحَالَة .

فصل

استدلُّوا بقوله - تعالى - : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ } على أن الأمَر للوُجُوب ، [ واعترض عليه المُتَكَلِّمُون ؛ فقالوا : هذه الآيةُ لا تَدُلُّ على الوُجُوب إلا إذا ثَبَتَ أن الأمْرَ للوُجُوبِ ]{[8449]} ، وهذا يَقْتَضِي افْتِقَار الدَّليل إلى المَدْلُولِ .

وأجيبُ بوَجْهَينِ :

الأوَّل : أن الأمْر الوَارِدَ في الوَقَائِع المخصُوصةِ دالٌّ على النَّدْبيَّة ، فقوله : { أَطِيعُواْ اللَّهَ } لو اقْتَضَى النَّدْبَ ، لم يَبْقَ لِهَذِه الآيَةِ فائِدَةٌ .

الثاني : أنه خَتَمَ الآيَةَ بِقَوْلِهِ : { إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } وهذا وعيد .

قوله : " منكم " في محلِّ نَصْبٍ على الحَالِ من " أولي الأمر " فيتعَلَّقُ بمَحْذُوفٍ ، أي : وأُولِي الأمْرِ كائِنِينِ مِنكُم ، و " مِنْ " تَبْعِيضية .

قوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ } [ اختلَفْتُم ]{[8450]} ، { فِي شَيْءٍ } [ أيْ : ]{[8451]} من أمْرِ دينكُم ، والتَّنَازُع : اخْتِلافَ الآرَاءِ .

قال الزَّجَّاج : اشْتِقَاق المُنَازَعَة من النَّزْعِ الَّذِي هُوَ الجَذْب ، والمُنَازَعَةُ : عبارة عن مُجَاذَبَةِ كُلِّ واحدٍ من الخَصْمَيْن ، يَجْذِب بِحُجَّةٍ صَحِيحَةٍ{[8452]} .

قوله : { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [ أي : إلى الكِتَابِ والسُّنَّةِ ]{[8453]} .

وقيل : الرَّدُّ إلى اللَّه والرَّسُول ؛ أن يقُول لما لا يعْلَمُ : " الله ورسوله أعلم " .

فصل في دلالة الآية على حجية القياس

دلت هذه الآيةُ على أنَّ القياس حُجَّة ؛ لأن قوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ } إمَّا أن يكُون المُرادُ منه " فإن اختلفتم في شيء " أي : حكم{[8454]} مَنْصُوصٍ عليه [ في الكِتابِ أو السُّنَّةِ أو الإجْمَاعِ ]{[8455]} ، [ أو يكون المُرادُ : " فإن اختلفتم في شيء " حكمه غير مَنْصُوصٍ عليه في شَيء من هذه الثَّلاثة ]{[8456]} .

والأوَّل بَاطِلٌ ؛ لأنَّ الطَّاعَة واجِبَةٌ ، لقوله : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } فيَصِيرُ قوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } إعادة لعين ما مَضَى ، وذلِك غيْر جَائِزٍ ، فيتَعَيَّن أن يكُون المُرَادُ : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ } حكمه غير مَذْكُورٍ في الكِتَابِ والسُّنَّةِ والإجْمَاعِ ، فيَجِبُ أن يُرَدّ حُكْمُه إلى الأحْكَامِ المَنْصُوصَةِ المُشَابِهَة له{[8457]} ، وذلِك هُوَ القِيَاسُ .

فإن قيل : لِمَ لا يَجُوزُ أن يكُون المرادُ بِقَوْله : { فَرُدُّوهُ } أي : فَوَّضُوا حُكْمَه إلى اللَّهِ ولا تَتَعرَّضُوا له ، أو يكون المرادُ : رُدُّوا غيْر المَنْصُوصِ إلى المَنْصُوصِ ؛ في أنَّه لا يُحْكَمُ فيه إلاَّ بالنَّصِّ ، أو فرُدُّوا هذه الأحْكَام إلى البَراءَة الأصْلِيَّة .

والجواب{[8458]} عن الأوَّل والثَّاني : أنه - تعالى - جعل الوَقَائِعَ قِسْمَيْن{[8459]} : منها ما هُو مَنْصُوصٌ علَيْه ، ومِنْهَا ما لا يكُون كذلك ، ثم أمر في القِسْمِ الأوَّلِ بالطَّاعةِ والانْقِيَادِ ، وأمر في الثَّانِي بردِّه إلى اللَّه وإلى الرَّسُول ، ولا يجوزُ أن يكُونَ المُرادُ بِهَذَا الرَّدِّ السكوت ؛ لأن الواقِعَةَ رُبَّمَا كانَت لا يَحِلُّ السُّكُوت فيها ، بل لا بُدَّ من قطْعِ الخُصُومَةِ فيها ، إما بِنَفْيٍ أو إثْبَاتٍ ، فامْتَنَعَ حَمْلُ الرَّدِّ إلى{[8460]} اللَّهِ على السُّكُوتِ .

وأما الثالث : فإنَّ البَرَاءَة الأصْلِيَّة مَعْلُومَةٌ بحكم العَقْلِ ، فالرَّدُّ إليها لَيْس رَدَّاً إلى اللَّه ، وإذا رَدَدْنا حكْمَ الواقِعَةِ إلى الأحْكامِ المَنْصُوص عليها ، كان ذلك رَدّاً إلى أحْكام اللَّه - تعالى - .

فصل في تقديم الكتاب والسنة على القياس

دَلَّت هذه الآيَةُ على أنَّ الكِتَاب والسُّنَّة مُقدِّمان على القِياسِ مُطْلقاً ، فلا نَتْرُك العَمَل بهما بِسَبَبِ القِيَاسِ ، ولا يجوزُ تَخْصِيصُهَا بالقياس ألْبَتَّة ، سَوَاءً كان القِياسُ جَليًّا أو خَفيًّا ، وسواءً كان ذلِكَ النَّصُّ مَخْصُوصاً قبل ذَلِك أمْ لاَ ؛ لأن الله - تعالى - أمَر بطاعَةِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ في قوله : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ } سواء حَصَلَ قياسٌ يُعَارِضُهمَا أو يُخَصِّصُهُمَا ، أوْ لم يُوجَد ؛ ولأن قوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ } صريح بأنه لا يجوزُ العُدولُ إلى القياسِ ، إلاَّ عند فُقْدان الأصُولِ الثلاثةَ ، وأيضاً فإنَّهُ أخّر ذلك القياس عن ذِكْرِ الأصُولِ الثَّلاثَةِ ، وذلك يَدُلُّ على أنَّ العمل به مُؤخَّر عن الأصُولِ الثلاثَةِ ؛ ولأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَبَرَ هذا التَّرتيبَ في قِصَّةِ مُعَاذٍ ، وأخر الاجتهاد عن الكِتَابِ والسُّنَّةِ ، وعَلَّقَ جَوازَهُ على عدمِ وُجْدَانِهِمَا ، ولمَّا عَارَضَ إبْليسُ عموم الأمْرِ بالسُّجُودِ بِقياسِهِ في قوله{[8461]} : { خلقتني من نار وخلقته من طين } فخصَّ العُمُوم بالقياس ، وقدَّمه على النَّصِّ ، فصَار بهذا السَّبَبِ مَلعُوناً ، وأيضاً فإن القُرْآن مَقْطُوع بِمتْنِهِ ، والقِيَاسُ مَظْنُون من جميع الجهاتِ ، والمَقْطُوع راجحٌ على المَظْنُون ، وأيضاً العَمَلُ بالظَّنِّ من صِفَاتِ الكُفَّارِ في قولهم : { مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا } [ الأنعام : 148 ] . ثم قال { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ } [ النجم : 23 ] وقال - عليه السلام - : " إذَا رُوِي عَنِّي حَدِيثٌ ، فاعْرِضُوهُ على كِتَابِ اللَّهِ ، فإن وَافَقَهُ فاقْبَلُوهُ ، وإلا فَرُدُّوهِ " {[8462]} فهذه النٌّصوصُ تَقْتَضِي ، أن لا يجُوزُ العَمَلُ بالقِيَاسِ الْبَتَّةَ ، وإنما عَمِلْنَا بالقِيَاسِ فيما لا نَصَّ فيه ، ولا دلالة دَلَّت على وُجُوبِ العَمَلِ بالقِيَاسِ ، جَمْعاً بَيْنَهَا وبين هذه الأدِلَّة . انتهى .

فصل في دلالة الآية على أكثر علم الأصول

دَلَّت هذه الآيةُ على أكْثَرِ أصُولِ الفِقْه ؛ لأن أصُول الشَّريعَة هي الكِتَابُ والسُّنَّةُ والإجْماع والقياسُ ، فقوله : [ تعالى ]{[8463]} { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } إشارة للكِتَابِ والسُّنَّةِ ، وقوله : { وأولي الأمر منكم } يدل على الإجماع ؛ لأنه - تعالى - أوْجَب طَاعَةَ أولي الأمْر ، وذلِك يَسْتَلزمُ عِصْمَتَهُم عن{[8464]} الخَطَأ ، وإلاَّ لَوجَبَ طاعَتُهُ عند كَوْنهِ مُخْطِئاً ، واتِّبَاع{[8465]} الخَطَأ مَنْهِيٌّ عَنْه ، فيجتمع الأمْرُ والنَّهْي [ وهو مُحَالٌ ]{[8466]} ؛ فَثَبتت العِصْمَةُ لأولي الأمْرِ ، إمَّا أن يكُونُوا جَمِيع الأمَرَاءِ ، أو بَعْضَهُم ، ولا يُمْكِنُ أنْ يَكُونُوا بعضهُم ؛ لأن الأمْرَ بِطَاعَتِهِم مَشْروطٌ بمعْرِفَتِهِم ، والقُدْرَةِ على{[8467]} الاسْتِفَادِةِ مِنْهُم ، ونحن عَاجِزُونَ قَطْعاً عن مَعْرفَة الإمام المَعْصُوم والوُصُول إليْه ؛ فوجَبَ أن يكُونَ المُرَادُ من { أُوْلِي الأَمْرِ } أولي الحَلِّ والعَقْدِ من هَذِه [ الأمَّة ]{[8468]} وهو الإجْمَاعُ .

فإن قيلَ : المُرَادُ ب { أُوْلِي الأَمْرِ } الخُلَفاء الرَّاشِدُون ، أو أُمَرَاء السَّرايا أو العُلَماء المُفْتُون في الأحْكَامِ الشَّرعيَّة ، أو{[8469]} الأئمَّةُ المعْصُومون عند الرَّوَافِضِ{[8470]} ، فالقَوْلُ الذي اخْتَرْتُمُوهُ خارجٌ عن أقْوَالِ الأمَّة فيَكُون بَاطِلاً ، أو تُحمَلُ الآيةُ على الأمَرَاءِ والسَّلاطين ؛ لنفوذ أمرهم{[8471]} في الخَلْقِ ، بخلاف أهل الإجْمَاع ؛ ولقوله -عليه السلام - : " مَنْ أطَاعَنِي فَقَدْ أطَاعَ اللَّه ، [ ومَنْ أطاعَ أمِيرِي فَقَدْ أطَاعَنِي ]{[8472]} ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّه ، ومَنْ عَصَى أمِيري فَقَدْ عَصَانِي " {[8473]} .

فالجواب عن الأوَّل : أنَّ جماعةً من الصَّحابةِ والتَّابعين حَمَلُوا " أولي الأمر " على العلماء ، فليْسَ قولُنَا خَارِجاً عَنْهُم .

وعن الثَّاني : أنَّ الوُجُوه التي ذكرُوهَا ضَعِيفَةً ، لا تعارض بالبُرْهَانِ القَاطِعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مع أنَّهَا مُعَارَضَة{[8474]} بوجوهٍ :

الأوّل : أنَّ طاعَة الأمَراءِ إنَّما تَجِبُ فيما عُلِمَ بالدَّلِيلِ أنَّهُ حَقٌّ ، وذلِك الدَّلِيلُ هُو الكِتَابُ والسُّنَّةُ ؛ ليكُون{[8475]} هذا داخلاً في طَاعَةِ اللَّه [ ورسُولِهِ ]{[8476]} كما أنَّ الوالِدَيْن والزَّوْج ، والأستاذِ داخِلٌ في ذَلِكَ ، وإذا حَمَلْنَاهُ على الإجْمَاعِ ، لم يَدْخُل في{[8477]} ذلك ؛ لأنَّهُ ربما ثبت بالإجْمَاعِ حكم ولا دليل في الكتاب والسُّنَّة عليه فَكَانَ أوْلَى .

الثاني : أنَّ طاعَة الأمَرَاءِ إنما تَجِبُ إذا كانُوا على الحّقِّ فطاعتهم مَشْرُوعة{[8478]} بالاسْتِقَامَةِ .

الثالث : قوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ } يُشْعِر بإجْمَاعٍ تَقَدَّمَ ، وحدث بَعْدَه التَّنَازُع .

الرابع : أنَّ طاعَةَ [ أهْل ]{[8479]} الإجْمَاعِ واجبَةٌ قَطْعاً ، [ وأمَّا طاعَة ]{[8480]} الأمَرَاء والسَّلاطين فغير وَاجِبَةٍ قَطْعاً ، بل الأكْثَر تكون مُحَرَّمة ؛ لأنهم لا يَأمُرون إلاَّ بالظُّلْم ، وفي الأقل تكون وَاجِبَةً [ لهذا كَانَ حَمْل الآيَةِ على الإجْمَاعِ أولى ]{[8481]} .

الخامس : أوامِرُ السَّلاطِين مَوْقُوفَة على فَتَاوى العُلَمَاء ؛ فالعُلَمَاءُ في الحَقِيقَةِ أمَرَاء ، فَحَمْلُ أولي الأمْرِ عَلَيْهِم أوْلى ، وأمَّا حَمْل الرَّوَافِض الآية على الإمَامِ المَعْصُوم ، فَيُقَيَّد بما ذُكر من أنّ طَاعَتَهُم تتوَقَّفُ على مَعْرفَتهم ، والقُدْرَة على الوُصُولِ إلَيْهِم ، فَوُجُوبُها قَبْل ذلك تَكْلِيفُ ما لا يُطَاقُ ، وأيضاً فَطَاعَتُهُم مَشْرُوطَةٌ وظاهر قوله : { أَطِيعُوا } يقتضي الإطْلاق ، وأيضاً فَقَوْلُه : { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } لو كان المُرادُ منه الإمام المَعْصُوم ، لقيل : فردُّوهُ إلى الإمَام .

فصل : من المعتبر في الإجماع ؟

إذا ثَبَت أن الإجْماع حُجَّة ، فاعلم : أن المُعْتَبَر إجْمَاعُهم هُمُ الذين يُمْكِنُهُم استِنْبَاط الأحْكَام الشَّرعيَّة من الكِتَابِ والسُّنَّة ، و [ هم ]{[8482]} المُسَمَّون بأهْلِ الحَلِّ والعَقْدِ ، فهم الَّذين يُمْتَثَلُ أمْرُهُم ونَهْيُهُم بِخلاف المُتَكَلِّم ، والمُقْرِئ والمُحْدِّث والعَوَامّ الذين لا يُمْكِنُهم الاسْتِنْبَاط .

فصل : لا عبرة في الإجماع بالفرق الضالة

دَلَّت الآيةُ على أنّ العِبْرَة بإجْمَاع المُؤمِنِين ، فأمَّا من يشكُّ في إيمانِهِ من سائِرِ الفرقِ فلا عِبْرَةِ بِهِم .

فصل : حصر الأدلة أربعة

دَلَّت [ هذه ]{[8483]} الآيةُ على أنَّ ما سِوَى هذه الأصُولِ الأرْبَعَة ، أعني : الكِتَابَ والسُّنَّة والإجْمَاعِ والقياسَ باطِلٌ ؛ لأنه -تعالى - جعل الوَقَائِعِ قِسْمَيْن :

أحدهما : مَنْصُوص عليه فأمر فيه بالطَّاعَةِ ، بقوله [ - تعالى - ]{[8484]} : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ } .

والثاني : غير مَنْصُوص عليه [ وأمر فيه بالاجتهاد بقوله - تعالى - : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } ] {[8485]} ، ولم يزد على ذَلِكَ ؛ فدلَّ على أنه لَيْسَ للمكَلَّفِ أن يَتَمَسَّك بشَيْءٍ سِوَى هذه الأرْبَعَة ، فالقَوْلُ بالاسْتِحْسَانِ{[8486]} الذي تَقُولُ به الحَنَفِيَّةُ ، والقول بالاسْتِصْحَابِ{[8487]} الذي تقُولُ به المالِكِيَّة قول بَاطِلٌ لهذه الآية .

فصل : في الاقتداء بقول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله

المنْقُول عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إن كان قَوْلاً ، وَجَبَ طَاعَتُهُ ؛ لقوله - تعالى - : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ } وإن كان فِعْلاً ، وجب الاقْتدَاءُ بِهِ إلاّ ما خصَّه الدَّلِيل ؛ لقوله - تعالى - : { وَاتَّبِعُوهُ } [ الأعراف : 158 ] ، والمُتَابَعَةُ عِبارَةٌ عن الإتْيَانِ{[8488]} بمثل فِعْل الغَيْرِ ؛ لأجْلِ أنَّ ذلك الغَيْر فَعَلَهُ .

فصل : الأمر في الشرع يدل على التكرار

ظَاهِر الأمْرِ في عُرْفِ الشَّرْع يدل على التِّكْرَارِ لوُجُوه :

الأول : أن قوله : { أَطِيعُواْ اللَّهَ } يَصِحُّ منه اسْتِثْنَاء أيِّ وقْتٍ كان ، وحُكْمُ الاسْتِثْنَاء إخْرَاج ما لوْلاَهُ لَدَخَل ؛ فوجَبَ أن يكُون قوله : { أَطِيعُواْ اللَّهَ } مُتَنَاوِلاً لكُلِّ الأوْقَاتِ ، وذلِك يَقْتَضِي التَّكْرَار .

والقول الثاني : لو لَمْ يفدْ ذَلِك ، لصارت الآيةُ مُجْمَلة ؛ لأن الوَقْتَ المخصُوصَ والكيْفِيَّة المخْصُوصَة غير مَذْكُورة ، فإذا حَمَلْنَاهُ على العُمُوم كانت مُبَيِّنة ، وهو أوْلَى من الإجْمَالِ ، أقصَى ما في البَابِ أنَّه يدخل التَّخْصيص ، والتَّخْصِيص خَيْرٌ من الإجْمَال .

الثالث : أنه أضَاف لَفْظَ الطَّاعَةِ إلى لَفْظِ اللَّهِ ، [ وهذا ]{[8489]} يَقْتَضِي أن مَنْشَأ وجوب الطَّاعَةِ هو العُبُودِيَّةُ والرُّبُوبِيَّةِ ، وذلك يَقْتَضِي دوامَ وُجوبِ الطَّاعَةِ على المكَلَّفين إلى يَوْمِ القِيَامَة .

فصل

قال - [ تعالى ]{[8490]} - : " أطيعوا الله " فأفرَدَهُ بالذِّكْر [ ثم ]{[8491]} قال : { وأطيعوا الرسول وأولِي الأمر } وهذا تَعليمٌ من الله لنا الأَدب ، ولذلك " رُوِيَ أن رجلاً قال بِحَضْرَة الرَّسُول - عليه الصلاة والسلام - : " مَنْ أطَاعَ اللَّهَ والرَّسُولَ فَقَدْ رشَدَ ومَنْ يَعْصِهِمَا فقد غَوَى " ، فقال - عليه السلام - :

" بِئْس الخَطِيبُ أنْتَ هَلا قُلْتَ : مَنْ عَصَى اللَّهَ وعَصَى رَسُولَهُ " {[8492]} أو لفظ هذا مَعْنَاه ؛ وذلك لأنَّ الجَمْعَ بينَهُمَا في اللَّفْظِ يوهِمُ نَوْع مُنَاسَبةٍ ومُجَانَسة ، والله - تعالى - مُنَزَّهٌ عن ذلك .

فصل : في فروع تتعلق بالإجماع

دلَّ قوله - تعالى - : { وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } على أن الإجْمَاع حُجَّة ، وهَهُنا فروعٌ :

الأوَّل : أن الإجْماع لا يَنْعَقِدُ إلا بقوْل العُلَمِاء ، الذين يمكِنُهُم اسْتِنْبَاطُ أحْكَامِ الله - تعالى - من نُصُوص الكِتَابِ والسُّنَّةِ ، وهؤلاء هم المُسَمَّون بأهْلِ{[8493]} الحَلِّ والعَقْدِ .

الثاني : اخْتَلَفُوا في الإجماعِ الحَاصِلِ عَقِيب الخلافِ ، هل هو حُجَّة أمْ لاَ ، وهذه الآيةُ تَدُلُّ على أنَّه حُجَّة ، لأنَّه قَوْلُ جميعِ أهْل الحَلِّ والعَقْدِ من الأمَّةِ ، فيدخُل في الآيةِ سَواءٌ وجد قَبْلَهُ خِلافٌ ، أم لا .

الثالث : اختلفُوا في انقِراض أهْل العَصْرِ ، هل هو شَرْطٌ أم لا ، وهذه الآية تَدُلُّ على أنَّه لَيْسَ بِشَرْط ؛ لأنَّها تَدُلُّ على وُجُوبِ طَاعَةِ المُجْمِعين ، سَوَاء انْقَرض [ أهْل ]{[8494]} العَصْرِ أم لم يَنْقَرِضِ .

الرابع : دَلَّت الآيَةُ على أن العِبْرَةِ بإجْمَاعِ المُؤمِنِين ؛ لقوله - [ تعالى ]{[8495]} - { يا أيّها [ الذين آمنوا ]{[8496]} } ثم قال : { وأولي الأمر منكم } .

قوله : " إن كُنتُم " شرط ، جوابُه مَحْذُوفٌ عند جُمْهُور البَصْريَّين ، أي : فَرُدُّوه إلى اللَّهِ ، وهو مُتقدِّم عند غيرهم .

وهذا الوعِيدُ يحتمل أن يكُون مَخْصُوصاً بقوله : { فَرُدُّوهُ } ، ويُحْتَمل أن يكُون عَائِداً إلى قوله : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } .

فصل{[8497]}

ظاهر قوله : { إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } يَقْتَضِي أنَّ من لم يُطِع اللَّه والرَّسُول لا يَكُونُ مُؤمِناً ، فيخرج المُذْنِب عن الإيمانِ ، لكِنَّه مَحْمُولٌ على التَّهْديدَ ، وقوله : { ذلِكَ خَيْرٌ } أي : الَّذي أصْدُقُكم في هذه الآيَاتِ من الأحْكَام ، والطَّاعَةِ ، والرَّدِّ إلى اللَّهِ والرَّسُول خيرٌ لكم ، " وأحسن تأويلاً " ، أي : مآلاً ؛ لأن التَّأوِيل عِبَارةٌ عن الشَّيْء ومرْجِعِه وعاقِبتهِ و { تَأْوِيلاً } نَصْب على التَّمْيِيز .

فصل

قال أبو العبَّاس المُقْرِي : ورَدَ التَّأويل في القُرْآنِ على أرْبَعَةِ أوْجُه{[8498]} :

الأوَّل : بمعنى العَاقِبَة كَهَذِه الآيَة .

الثاني : بمعنى المُنْتَهى ؛ قال - تعالى - :

{ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ }

[ آل عمران : 7 ] أي : ما يَعْلَمُ مُنْتَهَى{[8499]} تأويلِهِ إلا اللَّه .

الثالث : بمعنى تَعبير الرُّؤيَا ؛ قال - تعالى - : { أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ [ فَأَرْسِلُونِ ]{[8500]} }

[ يوسف : 45 ] أي : بعبَارتهِ ؛ ومثله : { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ } [ يوسف : 6 ] أي : تَعْبير الرُّؤيَا .

الرابع : بمعنى التَّحقِيق ؛ قال - تعالى - : { هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ }

[ يوسف : 100 ] أي : تحقيق رُؤيَايَ ؛ ومثل الوجه الأوَّل : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } [ الأعراف : 53 ] أي : عاقبته ، [ ومثله : { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } [ يونس : 39 ] أي : عَاقبته ]{[8501]} .


[8424]:سقط في ب.
[8425]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/499، 500، 501) عن ابن عباس وجابر والحسن ومجاهد وأبي العالية. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/315) عن جابر وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" وابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره أيضا (2/315) عن مجاهد وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن أبي شيبة وابن المنذر.
[8426]:سقط في ب.
[8427]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/497) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/315) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره ابن حجر في "الفتح" (8/191) وقال: أخرجه الطبري بإسناد صحيح.
[8428]:ذكره الفخر الرازي في "التفسير الكبير" (10/115) عن علي بن أبي طالب.
[8429]:أخرجه البخاري (6/135) كتاب الجهاد والسير باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به (2957) ومسلم (3/1466) كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (32 ـ 1835) من حديث أبي هريرة.
[8430]:أخرجه البخاري (13/121) كتاب الأحكام: باب السمع والطاعة (7144) ومسلم (3/1469) كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء (38 ـ 1839) وأحمد (4668 ـ شاكر) والبغوي في "شرح السنة" (5/299) والطبري في "تفسيره" من حديث عبد الله بن عمر.
[8431]:في ب: العسر واليسر.
[8432]:أخرجه مالك في "الموطأ" (2/445) باب الترغيب في الجهاد والبخاري (13/192) كتاب الأحكام: باب كيف يبايع الإمام الناس (7199، 7200) ومسلم (3/1470) كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء (41/1709) من حديث عبادة بن الصامت.
[8433]:أخرجه البخاري (13/130) كتاب الأحكام: باب السمع والطاعة للإمام (7142) ومسلم (3/1467) كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء (36(1887) من حديث أنس. وله شاهد من حديث العرباض بن سارية: أخرجه أبو داود (4607) والترمذي (2/112 ـ 113) والدرامي (1/44 ـ 55) وابن ماجه (43، 44) وابن حبان (1/4) وأحمد (4/126) والحاكم (1/95 ـ 97) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2/181 ـ 182) عن العرباض بن سارية مرفوعا. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح ليس له علة. وقال ابن عبد البر: حديث ثابت.
[8434]:أخرجه الترمذي (2/516) أبواب الصلاة باب ما ذكر في فضل الصلاة (616) وأحمد (5/251) والحاكم (1/9) والبغوي في شرح السنة (1/68) من طريق سليم بن عامر قال سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم...فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولا نعرف له علة ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقال البغوي: هذا حديث حسن.
[8435]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/315) عن أبي هريرة وعزاه لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه.
[8436]:سقط في أ.
[8437]:أخرجه البخاري كتاب التفسير: تفسير سورة النساء ومسلم كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء (31) والترمذي (4/165) كتاب الجهاد: باب ما جاء في الرجل يبعث وحده سرية (1672) والبيهقي في "دلائل النبوة" (4/311) عن ابن عباس. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
[8438]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/498 ـ 499) عن السدي وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/314) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
[8439]:سقط في ب.
[8440]:سقط في أ.
[8441]:تقدم.
[8442]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/316) وعزاه لعبد بن حميد عن الكلبي.
[8443]:أخرجه ابن أبي حاتم عن الضحاك كما في "الدر المنثور" (2/315) وذكره الطبري في "تفسيره" (8/501) وقال: وقال آخرون: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
[8444]:أخرجه البزار (2771 ـ كشف) وأبو يعلى (5/151) رقم (2762) وابن المبارك في "الزهد" ص (300). وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/18) وقال: رواه أبو يعلى والبزار بنحوه وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (4207).
[8445]:ينظر البغوي 1/446.
[8446]:سقط في أ.
[8447]:في ب: فما معنى.
[8448]:ينظر: تفسير الرازي 10/115.
[8449]:سقط في ب.
[8450]:سقط في ب.
[8451]:سقط في أ.
[8452]:في ب: مصححة.
[8453]:سقط في ب.
[8454]:في ب: حكمة غير.
[8455]:في ب: هذه الثلاثة.
[8456]:سقط في ب.
[8457]:في ب: المنصوبة له.
[8458]:في ب: فالجواب.
[8459]:في ب: فيهن.
[8460]:في ب: على.
[8461]:في ب: "بقوله".
[8462]:تقدم.
[8463]:سقط في أ.
[8464]:في ب: من.
[8465]:في ب: وأطباع.
[8466]:سقط في ب.
[8467]:في ب: في.
[8468]:سقط في أ.
[8469]:في ب: و.
[8470]:في ب: الروافد.
[8471]:في ب: أوامرهم.
[8472]:سقط في ب.
[8473]:أخرجه البخاري (6/135) كتاب الجهاد والسير: باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به حديث (2957) ومسلم (3/1466) كتاب الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية حديث (32/1835) من حديث أبي هريرة.
[8474]:في ب: معارض.
[8475]:في ب: يكون.
[8476]:سقط في ب.
[8477]:في ب: فيه.
[8478]:في ب: مشروطة.
[8479]:سقط في أ.
[8480]:سقط في أ.
[8481]:سقط في أ.
[8482]:سقط في ب.
[8483]:سقط في ب.
[8484]:سقط في أ.
[8485]:سقط في أ.
[8486]:جرى لفظ الاستحسان في عبارات بعض الأئمة على وجه يتوهم منه أن الاستحسان أصل من الأصول التي يرجع إليها في استنباط الأحكام، وتعرض له علماء الأصول عند بحث الأدلة، ونسبوا الأخذ به إلى بعض الأئمة، ونقلوا إنكاره عن آخرين. واستند الحنفية إلى الاستحسان في تقرير كثير من الأحكام، ويعارضون به القياس، فيقولون في بعض الأحكام: هذا ما يقتضيه الاستحسان وذاك ما يقتضيه القياس. وعبر الإمام الشافعي بالاستحسان في أحكام بعض الحوادث؛ فقال: أستحسن أن تكون المتعة ثلاثين، وقال: أستحسن أن يؤجل الشفيع ثلاثا. وأنكر قوم أن يكون الاستحسان دليلا شرعيا، وشنعوا على القائلين به؛ ظنا منهم أن استحسان هؤلاء الأئمة من قبيل الرجوع إلى الرأي، دون رعاية دليل شرعي ثابت، والرجوع إلى الرأي المحض في تقرير الأحكام الشرعية لا يقول به عامي مسلم، فضلا عن إمام بلغ رتبة الاجتهاد أو الترجيح، ومن هنا تصدى علماء الأصول من المالكية والحنفية لتفسير الاستحسان الوارد في عبارات أئمتهم. وبينوا أنه عائد إلى أدلة متفق عليها، أو أدلة معروفة في مذهب المعبر به، وحملوا قول الإمام الشافعي: "من استحسن فقد شرع" على معنى الاستحسان الذي لا يقوم على رعاية دليل شرعي، وكذلك الأثر الذي يسوقه بعض المحتجين لصحة القول بالاستحسان وهو: "وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن" إنما يحمل على أن المراد بالمسلمين ذوو الكفاية لاستنباط الأحكام، فيكون دليل الاحتجاج بالإجماع. أما المالكية فيقول محققوهم؛ كأبي الوليد الباجي: الاستحسان هو الأخذ بأقوى الدليلين؛ وكذلك قال ابن خويز منداد: معنى الاستحسان عندنا القول بأقوى الدليلين، ويضاهي هذا قول الحفيد ابن رشد: الاستحسان عند مالك هو الجمع بين الأدلة المتعارضة، ومعنى هذا: أن الاستحسان في مذهب مالك ليس بدليل مستقل، وإنما هو ترجيح أحد الدليلين على الآخر؛ كأن يتعارض في حادثة جزئية قياسان أو يعارض أصلا من الأصول عرف، أو مصلحة مرسلة، أو سد ذريعة، فينظر المجتهد ويرجح أحد القياسين على الآخر، أو يرجح قاعدة العرف أو المصالح المرسلة، أو سد الذريعة على ذلك الأصل المعارض. ينظر: البحر المحيط للزركشي 6/87، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/136، نهاية السول للإسنوي 4/398، منهاج العقول للبدخشي 3/178، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري 139، التحصيل من المحصول للأرموي 2/318، المنخول للغزالي 374، حاشية البناني 2/353، الإبهاج لابن السبكي 3/188، الآيات البينات لابن قاسم العبادي 4/193، حاشية العطار على جمع الجوامع 2/394، المعتمد لأبي الحسين 2/295، أحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي 687، الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 6/192، كشف الأسرار للنسفي 2/290، حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى 2/288، شرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني 2/83، نسمات الأسحار لابن عابدين 224، تقريب الوصول لابن جزي 146، إرشاد الفحول للشوكاني 240. وينظر منتهى السول والأمل (207) الوصول لابن برهان 2/320 أحكام الفصول 68 الحدود 65 شرح تنقيح الفصول 45.
[8487]:الاستصحاب: أصل من أصول الشريعة التي تجعل العلماء في فسحة، وتخلصهم من مواقف الحيرة، وهو أصل متفق على العمل به في الجملة وإن اختلفوا في بعض ضروبه، قال القرطبي: "القول بالاستصحاب لازم لكل أحد؛ لأنه أصل تنبني عليه النبوة والشريعة، فإن لم نقل باستمرار حال تلك الأدلة، لم يحصل العلم بشيء من تلك الأمور". واستمرار حال أدلة النبوة والشريعة من الاستصحاب الذي لا يختلف العقلاء في صحته، ولا يتطرق إليه الريب في حال. ينظر رسائل الإصلاح ص 43، 44، البحر المحيط للزركشي 6/16، البرهان لإمام الحرمين 2/135، سلاسل الذهب للزركشي 425 الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/111، التمهيد للإسنوي 489، نهاية السول له 4/358، منهاج العقول للبدخشي 3/177، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري 138، التحصيل من المحصول للأرموي 2/315، المنخول للغزالي 372، حاشية البناني 2/347، الإبهاج لابن السيبكي 3/168، الآيات البينات لابن قاسم العبادي 4/185، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني 172، حاشية العطار على جمع الجوامع 2/388، المعتمد لأبي الحسين 2/325، إحكام الفصول من أحكام الأصول للباجي 694، الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 5/5، أعلام الموقعين لابن القيم 1/255، حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى 2/284، تقريب الوصول لابن جزي 146 ـ المسودة ص (488)، روضة الناظر ص (79)، الكافية في الجدل ص (382)، الترياق النافع 2/162، المدخل إلى مذهب أحمد ص (133). وينظر شرح اللمع 2/986 والوصول لابن برهان 2/317 شرح تنقيح الفصول (447) منتهى السول والأمل (203) كشف الأسرار 3/ 377.
[8488]:في ب: الإيمان.
[8489]:سقط في ب.
[8490]:سقط في أ.
[8491]:سقط في أ.
[8492]:أخرجه مسلم كتاب الجمعة (48) وأبو كتاب الجمعة ب 23 وأحمد (4/356، 379) والبيهقي (1/86) والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/296) من حديث عدي بن حاتم.
[8493]:في ب: أهل.
[8494]:سقط في أ.
[8495]:سقط في أ.
[8496]:سقط في أ.
[8497]:هذا الفصل سقط في ب.
[8498]:في ب: بأداء معان أربعة.
[8499]:في ب: معنى.
[8500]:سقط في ب.
[8501]:سقط في ب.