بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} (59)

وقوله تعالى { بَصِيراً يا أيها الذين آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله } أي في الفرائض { وَأَطِيعُواْ الرسول } أي في السنن . ويقال : { أطيعوا الله } فيما فرض ، { وأطيعوا الرسول } فيما بيّن . ويقال { أَطِيعُواْ الله } بقول لا إله إلا الله ، { وأطيعوا الرسول } بقول محمد رسول الله { وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ } . يعني : أطيعوا أولي الأمر منكم . قال الكلبي ومقاتل : يعني : أمراء السرايا . وقال الضحاك : يعني : الفقهاء والعلماء في الدين . ويقال : الخلفاء والأمراء . ويجب طاعتهم ما لم يأمروا بالمعصية . قوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ في شيء } من الحلال والحرام والشرائع { فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول } يعني إلى أمر الله فيما يأمر بالوحي ، وإلى أمر الرسول فيما يخبر عن الوحي ، ثم بعد النبي صلى الله عليه وسلم لما انقطع الوحي يرد إلى كتاب الله تعالى ، وإلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام .

ويقال : معناه إذا أشكل عليكم شيء ، فقولوا : الله ورسوله أعلم . وهذا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل . وقال الخليل بن أحمد البصري : الناس أربعة : رجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري ، فهذا أحمق فاجتنبوه . ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري ، فهذا جاهل فعلِّموه . ورجل يدري ولا يدري أنه يدري ، فهذا نائم فأيقظوه . ورجل يدري وهو يدري أنه يدري ، فهذا عالم فاتبعوه .

ثم قال تعالى : { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر } يعني إن كنتم تصدقون بالله واليوم الآخر ثم قال : { ذلك خَيْرٌ } أي الرد إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسوله خير من الاختلاف { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي وأحسن عاقبة . وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : حق على الإمام أن يحكم بالعدل ، ويؤدي الأمانة إلى أهلها ، فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه ، فإن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل ، ثم أمرنا بطاعتهم . وقال مجاهد : { وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ } العلماء والفقهاء ، وهكذا روي عن جابر .