الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} (59)

قوله : ( يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ . . . ) الآية [ 59 ] .

أي : دوموا على طاعته ( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) في سنته ، وما أتاكم به ( وَأُوْلِي الاَمْرِ مِنكُمْ ) أي : ولاة أموركم ، وهم الأمراء ، قال ذلك أبو هريرة ، وابن عباس وغيرهما( {[12749]} ) .

وقيل( {[12750]} ) : هم أصحاب السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال زيد بن زيد أسلم : هم السلاطين( {[12751]} ) .

وقال جابر بن عبد الله " هم أهل العلم والفقه والخير( {[12752]} ) ، قاله مجاهد( {[12753]} ) وقتادة ، وأبو العالية ، وروي عن ابن عباس مثله وقاله عطاء( {[12754]} ) ، ولذلك قيل( {[12755]} ) ، إن الأمر في هذا : القرآن : فمعناه : وأولي القرآن ، وأولي العلم بالقرآن ، ودل على أن الأمر : القرآن قوله : ( ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ )( {[12756]} ) .

وعن ابن عباس أنه قال : نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي( {[12757]} ) إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية . وروي عن مجاهد أنه قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال عكرمة : هم أبو بكر وعمر( {[12758]} ) .

واختار أهل النظر( {[12759]} ) أن يكون المراد أمراء مسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم : " سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم ، وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلهم ، وإن أساءوا فلكم وعليهم " ( {[12760]} ) .

قال صلى الله عليه وسلم : " على المرء المسلم الطاعة " ( {[12761]} ) .

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الناس بخير ما استقامت لهم هداتهم وولاتهم " ( {[12762]} ) . والهداة العلماء العاملون( {[12763]} ) بعلمهم .

قوله : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ ) الآية [ 58 ] .

المعنى : إن اختلفتم في شيء من أمور دينكم فردوه إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ، وحكمه .

وقيل( {[12764]} ) : المعنى إن اختلفتم في شيء فقولوا : الله ورسوله أعلم ، على التغليظ في الاختلاف والنهي عنه ، قوله : ( ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) أي هذا الفعل خير لكم في دنياكم وأخراكم ، وأحسن عاقبة ، لأنه يدعوكم إلى الإلفة وترك الاختلاف والتنازع ، والفرقة( {[12765]} ) .

وقال مجاهد ( وَأَحْسَنُ تَاوِيلاً ) : أحسن جزاء( {[12766]} ) .

وقيل( {[12767]} ) : أحسن ثواباً ، وخير عاقبة .


[12749]:- انظر: جامع البيان 5/149.
[12750]:- عزاه الطبري لابن عباس، انظر: جامع البيان 5/147، ومثله أيضاً الدر المنثور 2/572.
[12751]:- انظر: جامع البيان 5/148. والدر المنثور 2/572.
[12752]:- انظر: المصدر السابق.
[12753]:- انظر: تفسير مجاهد 1/162-163.
[12754]:- انظر: جامع البيان 5/149، والدر المنثور 2/575.
[12755]:- عزاه الطبري إلى السدي. انظر: المصدر السابق.
[12756]:- الطلاق آية 5.
[12757]:- عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي القرشي توفي 33 هـ صحابي شهد بدراً وأُحداً، بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كسرى. انظر: أسد الغابة 3/107، والإصابة 2/287 والتهذيب 5/185.
[12758]:- انظر: جامع البيان 5/148، والدر المنثور 2/573.
[12759]:- منهم الطبري 5/150.
[12760]:- رواه الطبري 5/150 ورواه الطبراني في الكبير (1102) قطعة من المفقود، وأخرجه في المعجم الأوسط (6492) والدارقطني في السنن (1779) وهو ضعيف جداً [المدقق].
[12761]:- خرجه البخاري (6611) وأحمد (5996) [المدقق] ومسلم بلفظ قريب منه في كتاب الإمارة 6/15، وابن ماجه في كتاب الجهاد 2/956.
[12762]:- لم أقف عليه.
[12763]:- (ج): العاملين.
[12764]:- عن معاني الزجاج 2/68.
[12765]:- انظر: جامع البيان 5/151.
[12766]:- انظر: تفسير مجاهد 1/163.
[12767]:- عزاه الطبري لقتادة 5/152.