{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } ، قال نافع : مع محمد وأصحابه . وقال سعيد ابن جبير : مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . وقال ابن جريج : مع المهاجرين ، لقوله تعالى : { للفقراء المهاجرين } إلى قوله { أولئك هم الصادقون } [ الحشر -8 ] وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : مع الذين صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وأعمالهم وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك بإخلاص نية . وقيل : مع الذين صدقوا في الاعتراف بالذنب ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة . وكان ابن مسعود يقرأ : " وكونوا مع الصادقين " وقال ابن مسعود : إن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ، ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئا ثم لا ينجز له ، اقرؤا إن شئتم وقرأ هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } .
أي : اصدُقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا من المهالك ويجعل لكم فرجا من أموركم ، ومخرجا ، وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن شقيق{[13984]} ؛ عن عبد الله ، هو ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا " .
أخرجاه في الصحيحين . {[13985]} وقال شعبة ، عن عمرو بن مُرّة ، سمع أبا عبيدة يحدث عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، أنه قال : [ إن ]{[13986]} الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، اقرءوا إن شئتم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ } {[13987]} - هكذا قرأها - ثم قال : فهل تجدون لأحد فيه رخصة .
وعن عبد الله بن عمر : { اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وقال الضحاك : مع أبي بكر وعمر وأصحابهما . {[13988]} وقال الحسن البصري : إن أردت أن تكون مع الصادقين ، فعليك بالزهد في الدنيا ، والكف عن أهل الملة .
الظاهر أن هذه الآية خاتمة للآي السابقة وليست فاتحة غرض جديد . ففي « صحيح البخاري » من حديث كعب بن مالك حين تخلف عن غزوة تبوك أنه قال : « فوالله ما أعلم أحداً . . . أبْلاه الله في صدق الحديث أحسنَ مما أبْلاني ما تعمدتُ منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذباً وأنزل الله على رسوله { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار إلى قوله { وكونوا مع الصادقين } [ التوبة : 117 119 ] اه . فهذه الآية بمنزلة التذييل للقصة فإن القصة مشتملة على ذكر قوم اتقوا الله فصدقوا في إيمانهم وجهادهم فرضي الله عنهم ، وذِكر قوم كذبوا في ذلك واختلقوا المعاذير وحلفوا كذباً فغضب الله عليهم ، وقوم تخلفوا عن الجهاد وصدقوا في الاعتراف بعدم العذر فتاب الله عليهم ، فلما كان سبب فوز الفائزين في هذه الأحوال كلها هو الصدق لا جرم أمر الله المؤمنين بتقواه وبأن يكونوا في زمرة الصادقين مثل أولئك الصادقين الذين تضمنتهم القصة .
والأمر ب { كونوا مع الصادقين } أبلغ في التخلق بالصدق من نحو : اصدقوا . ونظيره { واركعوا مع الراكعين } [ البقرة : 43 ] . وكذلك جَعله بعد ( من ) التبعيضية وقد تقدم ذلك في قوله تعالى : { أبى واستكبر وكان من الكافرين } [ البقرة : 43 ] ومنه قوله : { قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } [ البقرة : 67 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.