قوله تعالى : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } . أي على ألسنة رسلك .
قوله تعالى : { ولا تخزنا } . ولا تعذبنا ، ولا تهلكنا ، ولا تفضحنا ، ولا تهنا .
قوله تعالى : { يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد } . فإن قيل : ما وجه قولهم ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ، وقد علموا أن الله لا يخلف الميعاد ؟ قيل : لفظه دعاء ومعناه خبر ، أي : لتؤتينا ما وعدتنا على رسلك ، تقديره فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا ولا تخزنا يوم القيامة لتؤتينا ما وعدتنا على رسلك من الفضل والرحمة ، وقيل : معناه ربنا واجعلنا ممن يستحقون ثوابك وتؤتيهم ما وعدتهم على ألسنة رسلك لأنهم لم يتيقنوا استحقاقهم لتلك الكرامة ، فسألوه أن يجعلهم مستحقين لها ، وقيل : إنما سألوه تعجيل ما وعدهم من النصر على الأعداء ، وقالوا قد علمنا أنك لا تخلف ، ولكن لا صبر لنا على حلمك فعجل خزيهم وانصرنا عليهم .
{ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ } قيل : معناه : على الإيمان برسلك . وقيل : معناه : على ألسنة رسلك . وهذا أظهر .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عمرو بن محمد ، عن أبي عِقَال ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَسْقَلان أحد العروسين ، يبعث الله منها يوم القيامة سبعين{[6372]} ألفًا لا حساب عليهم ، ويبعث منها خمسين{[6373]} ألفا شهداء وُفُودًا إلى الله ، وبها صُفُوف الشهداء ، رؤوسهم مُقَّطعة في أيديهم ، تَثِجّ أوداجهم دما ، يقولون : { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } فيقول : صَدَق عبدي ، اغسلوهم بنهر البيضة . فيخرجون منه نقاء بيضًا ، فيسرحون في الجنة حيث شاؤوا " .
وهذا الحديث يُعد من غرائب المسند ، ومنهم من يجعله موضوعا ، والله أعلم{[6374]} .
{ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي : على رؤوس الخلائق { إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } أي : لا بد من الميعاد الذي أخبرتَ عنه رسُلَك ، وهو القيام يوم القيامة بين يديك .
وقد قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحارث بن سُرَيْج{[6375]} حدثنا المعتمر ، حدثنا الفضل بن عيسى ، حدثنا محمد بن المنكدر ؛ أن جابر بن عبد الله حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العار والتخزية تبلغ{[6376]} من ابن آدم في القيامة في المقام بين يدي الله ، عز وجل ، ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار " حديث غريب{[6377]} .
وقوله : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } معناه : على ألسنة رسلك ، وقرأ الأعمش «رسْلك » بسكون السين ، وطلبوا من الله تعالى إنجاز الوعد ، وهو تعالى من لا يجوز عليه خلفه من حيث في طلبه الرغبة أن يكونوا ممن يستحقه ، فالطلبة والتخويف إنما هو في جهتهم لا في جهة الله تعالى لأن هذا الدعاء إنما هو في الدنيا ، فمعنى قول المرء : اللهم أنجز لي وعدك ، إنما معناه : اجعلني ممن يستحق إنجاز الوعد ، وقيل : معنى دعائهم الاستعجال مع ثقتهم بأن الوعد منجز ، وقال الطبري وغيره : معنى الآية ما وعدتنا على ألسنة رسلك من النصر على الأعداء فكأن الدعوة إنما هي في حكم الدنيا ، وقولهم : { ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد } ، إشارة إلى قوله تعالى : { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه }{[3798]} فهذا وعده تعالى وهو دال على أن الخزي إنما هو مع الخلود{[3799]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.