تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (194)

الآية 194 وقوله تعالى : ربنا و آتينا ما وعدتنا على رسلك } قيل فيه بوجهين : { وآتينا ما وعدتنا على } السن رسلك على إضمار السن كقوله عز وجل { وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا } ( الأحزاب 47 ) وقيل { ما وعدتنا على رسلك } ما جعلت عليهم من الاستغفار للمؤمنين كقوله تعالى : { واستغفر لذنبك ولمؤمنين والمؤمنات } ( محمد 19 ) وكقول إبراهيم عليه السلام : { ربنا اغفر لي ولوالدي } الآية{[4758]} ( إبراهيم 41 ) وكقول نوح عليه السلام { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات } ( نوح 28 ) .

ثم بيننا وبين المعتزلة كلام في الآية : قالت المعتزلة : يجوز الدعاء والسؤال عنه قد أعطى وما عليه أن يعطي نحو ما ذكر من السؤال بما وعد وما وعد لا شك انه يعطي وأنه لا يخلف الميعاد ونحو قوله عز وجل : { قل رب أحكم بالحق } ( الأنبياء 112 ) وهو لا يحكم بالجور وما عندنا أن السؤال عما عليه ان يعطي يخرج مخرج الدعاء له : ربنا لا تجر ولا تظلم إن هذا لا يقال إلا لمن يخاف الجور منه والظلم إذ يعلم أن ذلك عليه والسؤال والله أعلم .

ثم تأويل الآية عندنا على وجود :

أحدهما : قوله : { ما وعدتنا على رسلك } يحتمل أن يكون الوعد منه لرسله باستغفار الرسل إذا كان من المؤمنين استغفار وسؤال كقوله : { ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفر لهم الرسول } ( النساء 64 ) وعد لهم المغفرة لهم باستغفار الر سول إذا كان منهم استغفار وسؤال يقول : اجعل دعاء من جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مستغفرا له وكقوله أيضا : لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا } ( الفرقان 16 ) .

والثاني : يحتمل أن يكون الوعد لهم إذ ماتوا على ذلك فالدعاء كان منهم والسؤال أنه إذا أماتهم يميتهم على الإيمان على ما كانوا أحياء والمغفرة والرحمة حينئذ تكون لهم ألا ترى أنه قال { من جاء بالحسنة فله } ( الأنعام 160 ) كذا ؟ ولم يقل : من عمل بها فله كذا ولكن ذكر مجيئه فعلى ذلك الأول ثم يحتمل ما ذكرنا والله أعلم وفي ما ذكر من تأويل الآية في الابتداء كفاية من ذلك والله أعلم .

والثالث : يدعو ليجعلهم من الجملة الذين كان لهم الوعد غير مبين لمن هو فسألوا أن يجعلهم في تلك الجملة والله أعلم .


[4758]:ساقطة من م.