الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (194)

قوله تعالى : { عَلَى رُسُلِكَ } : فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه متعلق ب " وَعَدْتَنا " قال الزمخشري : " على " هذه صلةُ للوعد في قولك : " وعد الله الجنة على الطاعة " والمعنى : ما وَعَدْتنا في تصديقِ رسلك . والثاني : أن تتعلَّقَ بمحذوف على أنها حال من المفعول وقَدَّره الزمخشري بقوله : " مُنَزَّلاً على رسلك ، أو محمولاً على رسلك ؛ لأنَّ الرسل مُحَمَّلون ذلك :

{ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ } [ النور : 54 ] . ورَدَّ الشيخ عليه بأن الذي قدَّره محذوفاً كون مقيد ، وقد عُلِم من القواعد أن الظرف والجار إذا وقعا حالين أو وصفين أو خبرين أو صلتين تعلَّقا بكون مطلق ، والجارُّ هنا وقع حالاً فكيف يُقَدَّر متعلَّقُه كوناً مقيداً وهو " مُنَزَّل " أو " محمول " ؟ الثالث : ذكره أبو البقاء أن تتعلق " على " ب " آتِنا " ، وقَدَّر مضافاً محذوفاً فقال : " على ألسنة رسلك " وهو حسن .

والميعاد : اسمُ مصدرٍ بمعنى الوعد . و " يوم القيامة " فيه وجهان ، أحدهما : أنه مصوبٌ ب " لا تُخْزِنا " ، والثاني : أجازه الشيخ أن يكون من باب الإِعمال ؛ إذ يصلح أن يكون منصوباً ب " لا تُخْزِنا " وب " آتِنا ما وعدتنا " إذا كان الموعودُ به الجنةَ . وقرأ الأعمش : " رُسْلِك " بسكون السين .