المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

17 - إنا اختبرنا أهل مكة بالإنعام عليهم فكفروا . كما اختبرنا أصحاب الجنة حين حلفوا ليقطعن ثمار جنتهم مبكرين ، ولا يذكرون الله فيعلقون الأمر بمشيئته .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

{ إنا بلوناهم } يعني اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع ، { كما بلونا } ابتلينا ، { أصحاب الجنة } روى محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : في قوله عز وجل : { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة } قال : كان بستان باليمن يقال له الضروان ، دون صنعاء بفرسخين ، يطؤه أهل الطريق ، كان غرسه قوم من أهل الصلاة ، وكان لرجل فمات فورثه ثلاثة بنين له ، وكان يكون للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل ، إذا طرح من فوق النخل إلى البساط فكل شيء يسقط على البساط فهو أيضاً للمساكين ، وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين وإذا داسوا كان لهم كل شيء ينتثر أيضاً ، فلما مات الأب وورثه هؤلاء الإخوة عن أبيهم ، فقالوا : والله إن المال لقليل ، وإن العيال لكثير ، وإنما كان هذا الأمر يفعل إذ كان المال كثيراً والعيال قليلاً ، فأما إذا قل المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل هذا ، فتحالفوا بينهم يوماً ليغدون غدوة قبل خروج الناس فليصرمن نخلهم ولم يستثنوا ، يعني : لم يقولوا إن شاء الله ، فغدا القوم بسدفة من الليل إلى جنتهم ليصرموها قبل أن يخرج المساكين ، فرأوها مسودة ، وقد طاف عليها من الليل طائف من العذاب فأحرقها ، فأصبحت كالصريم ، فذلك قوله عز وجل : { إذ أقسموا } حلفوا ، { ليصرمنها مصبحين } وليقطعن ثمرها إذا أصبحوا قبل أن يعلم المساكين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

هذا مَثَل ضَرَبه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة ، وأعطاهم من النعم الجسيمة ، وهو بَعْثُهُ محمدًا صلى الله عليه وسلم إليهم ، فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة ؛ ولهذا قال : { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ } أي : اختبرناهم ، { كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ } وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه { إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } أي : حلفوا فيما بينهم لَيجُذَّنَ ثَمرها ليلا لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل ، ليتوفر ثمرها عليهم ولا يتصدقوا منه بشيء ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ الْجَنّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : إنّا بَلَوْناهُمْ : أي بلونا مشركي قريش ، يقول : امتحناهم فاختبرناهم ، كمَا بَلَوْنا أصحَابَ الجَنّةِ يقول : كما امتحنا أصحاب البستان إذْ أقْسَمُوا لَيَصْرِمُنّها مُصْبِحِينَ يقول : إذ حلفوا ليصرمُنّ ثمرها إذا أصبحوا . وَلا يَستَثْنون : ولا يقولون إن شاء الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا هناد بن السريّ ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماكَ ، عن عكرِمة ، في قوله : لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكينٌ قال : هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة ، كان يطعم المساكين منها ، فلما مات أبوهم ، قال بنوه : والله إن كان أبونا لأحمق حين يُطعم المساكين ، فأقسموا ليصرمنها مصبحين ، ولا يستثنون ، ولا يطعمون مسكينا .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : لَيَصْرِمُنّها مُصْبِحينَ ، قال : كانت الجنة لشيخ ، وكان يتصدّق ، فكان بنوه ينهونه عن الصدقة ، وكان يمسك قوت سنته ، وينفق ويتصدّق بالفضل ، فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا : لا يَدْخُلَنّهَا اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ .

وذُكر أن أصحاب الجنة كانوا أهل كتاب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : إنّا بَلَوْناهُمْ كمَا بَلَوْنا أصحَابَ الجَنّةِ إذْ أقْسَمُوا . . . الاَية ، قال : كانوا من أهل الكتاب .

والصرم : القطع ، وإنما عنى بقوله لَيَصْرِمُنّها لَيَجُدّنّ ثمرتها ومنه قول امرىء القيس :

صَرَمَتْكَ بَعْدَ تَوَاصُلٍ دَعْدُ *** وَبَدا لِدَعْدٍ بعضُ ما يَبْدُو

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

وقوله تعالى : { إنا بلوناهم } يريد قريشاً ، أي امتحناهم ، و { أصحاب الجنة } فيما ذكر قوم إخوة كان لأبيهم جنة وحرث مغل فكان يمسك منه قوته ، ويتصدق على المساكين بباقيه ، وقيل بل كان يحمل المساكين معه في وقت حصاده وجذه{[11247]} ، فيجذيهم منه{[11248]} فمات الشيخ ، فقال ولده : نحن جماعة وفعل أبينا كان خطأ ، فلنذهب إلى جنتنا ولا يدخلها علينا مسكين ، ولا نعطي منها شيئاً ، قال : فبيتوا أمرهم وعزمهم على هذا ، فبعث الله عليها بالليل طائفاً من نار أو غير ذلك ، فاحترقت ، فقيل : أصبحت سوداء ، وقيل : بيضاء كالزرع اليابس المحصود ، فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها فحسبوا أنهم قد أخطؤوا الطريق ، ثم تبينوها فعلموا أن الله تعالى أصابهم فيها ، فتابوا حينئذ وأنابوا وكانوا مؤمنين من أهل الكتاب ، فشبه الله تعالى قريشاً بهم ، في أنهم امتحنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وهداه ، كما امتحن أولئك بفعل أبيهم وبأوامر شرعهم ، فكما حل بأولئك العقاب في جنتهم ، كذلك يحل بهؤلاء في جميع دنياهم وفي حياتهم ، ثم التوبة معرضة لمن بقي منهم كما تاب أولئك .

وقال كثير من المفسرين : السنون السبع التي أصابت قريشاً هي بمثابة ما أصاب أولئك في جنتهم . وقوله تعالى : { ليصرمنها } أي ليجدنها ، وصرام النخل : جد ثمره وكذلك في كل شجرة ، و { مصبحين } معناه : إذا دخلوا في الصباح .


[11247]:جد الشيء: قطعه عند الحصاد.
[11248]:أي: يكافئهم منه، يقال: جزى فلانا حقه، أي أعطاه.