الآية 17 وقوله تعالى : { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة } فهو يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون أهل مكة ابتلوا بالإحسان إلى اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ابتلي أصحاب الجنة بالإحسان على المساكين ، فحل بهم من البلاء ما ذكر لامتناعهم عن الائتمار ؛ فذكر أهل مكة أنهم إن امتنعوا عن الإحسان إلى اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، حل بهم ما حل بأولئك ، وقد وجد منهم الامتناع ، فابتلوا بسنين كسني يوسف حتى اضطروا إلى أكل الجيف والأقذار . ثم إن أصحاب الجنة لما مسهم العذاب ، وأيقنوا به أنابوا إلى الله ، وانقلعوا عن مساوئهم ، فتاب الله عليهم ، ورفع البلاء عنهم ، وأهل مكة تمادوا في غيهم ، ولم يتوبوا ، فانتقم الله منهم بالقتل يوم بدر في الدنيا ، وسيوردهم{[21794]} إلى العذاب في الآخرة .
[ والثاني ]{[21795]} : جائز أن يكون الله تعالى لما أعزهم ، وشرفهم ، وصرف وجوه الخلق إليهم ، امتحنهم بتبجيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه . فلما أساؤوا صحبته عاقبهم بما ذكرنا ، ووسع على أصحاب الجنة ، فامتحنهم بما وسع عليهم بأن يوسعوا على غيرهم ، فلما امتنعوا عن ذلك عوقبوا بزوال النعمة عنهم ، وعوقب هؤلاء بزوال العز عنهم ، وأذاقهم { الله لباس الجوع والخوف } [ النحل : 112 ] والله أعلم .
وقوله تعالى : { إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين } فقوله : { مصبحين } أي لأي وقت ينسب إلى الصباح ، وذلك يكون في آخر الليل كما يقال : ممسين لأول وقت ينسب إلى المساء .
وإذا كان كذلك فالانصرام يقع بالليل . ألا ترى إلى قوله تعالى : { أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين } ؟ [ الآية : 24 ] وهم لا يملكون بعد مضي الليل منع المساكين عن الدخول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.