لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّا بَلَوۡنَٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ} (17)

قوله تعالى : { إنا بلوناهم } أي اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع { كما بلونا أصحاب الجنة } روي عن ابن عباس في قوله تعالى : { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة } قال بستان باليمن يقال له الضروان ، دون صنعاء بفرسخين يطؤه أهل الطريق ، وكان غرسه قوم من أهل الصلاة ، وكان لرجل فمات فورثه ثلاث بنين له ، وكان يترك للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل إذا طرح من فوق النخل إلى البساط ، وكل شيء يخرج من المنجل إلى البساط فهو أيضاً للمساكين ، وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين ، وإذا داسوه كان لهم كل شيء ينتثر أيضاً . فلما مات الأب وورثه بنوه هؤلاء الإخوة الثلاثة ، قالوا والله إن المال قليل ، وإن العيال كثير ، وإنما كان هذا الأمر يفعل لما كان المال كثيراً والعيال قليلاً ، فأما إذا قل المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل ، فتحالفوا بينهم يوماً أن يغدوا غدوة قبل خروج الناس فليصرمن نخلهم ، فذلك قوله تعالى : { إذ أقسموا } أي تحالفوا { ليصرمنها } أي ليقطعن ثمرها { مصبحين } أي إذا أصبحوا قبل أن يخرج إليهم المساكين ، وقبل أن يعلم بها المساكين .