قوله تعالى : { فأتياه فقولا إنا رسولا ربك } أرسلنا إليك { فأرسل معنا بني إسرائيل } أي : خل عنهم وأطلقهم من أعمالك { ولا تعذبهم } لا تتعبهم في العمل وكان فرعون يستعملهم في الأعمال الشاقة { قد جئناك بآية من ربك } قال فرعون : وما هي ؟ فأخرج يده لها شعاع كشعاع الشمس { والسلام على من اتبع الهدى } ليس المراد منه التحية ، إنما معناه سلم من عذاب الله من أسلم .
{ فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ } ، قد تقدم في حديث " الفتون " عن ابن عباس أنه قال : مكثا{[19376]} على بابه حينًا لا يؤذن لهما ، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد .
وذكر محمد بن إسحاق بن يسار : أن موسى وأخاه هارون خرجا ، فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه وهما يقولان : إنا رسل{[19377]} رب العالمين ، فآذنوا بنا هذا الرجل ، فمكثا فيما بلغني سنتين يَغْدوان ويروحان ، لا يعلم بهما ولا يجترئ أحد على أن يخبره بشأنهما ، حتى دخل عليه بَطَّال له يلاعبه ويُضْحكه ، فقال له : أيها الملك ، إن على بابك رجلا يقول قولا عجيبًا ، يزعم أن له إلهًا{[19378]} غيرك أرسله إليك . قال : ببابي ؟ قال : نعم . قال : أدخلوه ، فدخل ومعه أخوه هارون وفي يده عصاه ، فلما وقف على فرعون قال : إني رسول رب العالمين . فعرفه فرعون .
وذكر السّدّي أنه لما قدم بلاد مصر ، ضاف أمّه وأخاه وهما لا يعرفانه ، وكان طعامهما{[19379]} ليلتئذ الطعثلل{[19380]} وهو اللفت ، ثم عرفاه وسلما عليه ، فقال له موسى : يا هارون ، إن ربي قد أمرني أن آتي هذا الرجل فرعون فأدعوه إلى الله ، وأمر{[19381]} أن تعاونني . قال : افعل ما أمرك ربك . فذهبا ، وكان ذلك ليلا فضرب موسى باب القصر بعصاه ، فسمع فرعون فغضب وقال{[19382]} من يجترئ على هذا الصنيع ؟ فأخبره السدنة والبوابون{[19383]} بأن هاهنا رجلا مجنونًا يقول : إنه رسول الله . فقال : عليّ به . فلما وقفا بين يديه قالا وقال لهما ما ذكر{[19384]} الله في كتابه .
وقوله : { قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ } أي : بدلالة ومعجزة من ربك ، { وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } أي : والسلام عليك إن اتبعت الهدى .
ولهذا لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم [ كتابًا ، كان أوله : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ]{[19385]} سلام على من اتبع الهدى . أما بعد ، [ فإني أدعوك بدعاية الإسلام ]{[19386]} فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين " .
وكذلك لما كتب مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا صُورَتُه : " من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك . أما بعد ، فإني قد أشركت{[19387]} في الأمر مَعَكَ ، فلك المدر{[19388]} ولي الوبر ، ولكن قريش{[19389]} قوم يعتدون " . فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " {[19390]} .
ولهذا قال موسى وهارون ، عليهما السلام ، لفرعون : { وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.