تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

فأتياه : قابلاه وجها لوجه .

فأرسل معنا بني إسرائيل : فأطلقهم من الأسر .

ولا تعذبهم : لا تبقهم على ما هم عليه من العذاب والتسخير .

والسلام على من اتبع الهدى : السلامة من العذاب لمن صدق بآيات الله ، الهادية إلى الحق .

47- { فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى } .

أي : اذهبا إلى فرعون وقابلاه وجها لوجه ، وقولا له : { إنا رسولا ربك } . أرسلنا الله إليك بالرسالة وهو ربنا وربك ، ولا رب سواه ، فدعواك الربوبية دعوى باطلة .

{ فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم } . أي : أطلق سراح بني إسرائيل ، وأوقف عذابهم ؛ حيث كان يقتل الذكور منهم ويستحيي الإناث ، ويسخرهم الأقباط في الأعمال الشاقة كالحفر والبناء .

{ قد جئناك بآية من ربك } . والمراد بالآية : الجنس فيشمل اليد والعصا وغير ذلك من الآيات .

{ والسلام على من اتبع الهدى } . والسلامة والأمن من العذاب في الدنيا والآخرة ؛ على من اتبع رسل ربه وآمن بآياته ، واهتدى بها إلى الحق .

قال الزجاج : أي : من اتبع الهدى ؛ سلم من سخط الله وعذابه ، وليس بتحية ، والدليل على ذلك أنه ليس بابتداء لقاء ولا خطاب . 1 ه .

وبمثل هذا كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الروم ، قال : ( بسم الله الرحمان الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، فأسلم ، تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين )12 .

وفي هذا ترغيب في التصديق على أتم وجوه ؛ بأسلوب حكيم لين فيه الموعظة الحسنة ، والتبشير والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن ، وما أجمل طريقة القرآن ، في دعوة الطغاة بالقول اللين ؛ تأليفا للقلوب ، وتيسيرا للاستجابة .