المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

المعنى { فأتيا } فرعون فأعلماه أنكما رسولاي إليه وعبر بفرعون تحقيراً له إذ كان هو يدعي الربوبية ثم أمر بدعوته إلى أن يبعث معهما بني إسرائيل ويخرجهم من غل خدمة القبط وقد تقدم في هذه الآية دعاؤه إلى الإيمان وهذه جملة ما دعي إليه فرعون والإيمان وإرسال بني إسرائيل ، والظاهر أن رسالته إليه ليست على حد إرساله إلى بني إسرائيل ، وتعذيب بني إسرائيل كان ذبح أولادهم وتسخيرهم وإذلالهم والآية التي أحالا عليها هي العصا واليد وقالا { جئناك } والجائي بها موسى تجوزاً من حيث كانا مشتركين وقوله عليه السلام { من اتبع الهدى } يحتمل أن يكون آخر كلام وفصله فيقوى أن يكون السلام بمعنى التحية كأنهما رغباً بها عنه وجريا على العرف في التسليم عند الفراغ من القول فسلما على متبع الهدى وفي هذا توبيخ له ع : وعلى هذه الجهة استعمل الناس هذه الآية في مخاطبتهم ومحاوراتهم ويحتمل أن يكون في درج القول متصلاً بقوله { إنا قد أوحي إلينا } فيقوى على هذا أن يكون خبراً بأن السلامة للمهتدين ، وهذان المعنيان قالت كل واحد منهما فرقة ، لكن دون هذا التلخيص ، وقالوا { السلام } بمعنى السلامة وعلى بمعنى اللام أي السلام ل { من اتبع الهدى } .