المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

18- ولا تحمل نفس مذنبة إثم نفس أخرى ، وإن تدع نفس مثقلة بالذنوب شخصاً ليحمل عنها لا يحمل هذا الشخص من ذنوبها شيئاً ، ولو كان ذا قرابة بها ، لاشتغال كل بنفسه ، ولا يحزنك - أيها النبي - عناد قومك ، إنما ينفع تحذيرك الذين يخافون ربهم في خلواتهم ، وأقاموا الصلاة على وجهها ، ومن تطهر من دنس الذنوب فإنما يتطهر لنفسه ، وإلى الله المرجع في النهاية ، فيعامل كلا بما يستحق{[186]} .


[186]:يراجع التعليق العلمي على الآية "7" من سورة الزمر {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

قوله تعالى : { ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة } أي : نفس مثقلة بذنوبها غيرها ، { إلى حملها } أي : حمل ما عليها من الذنوب ، { لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى } أي : ولو كان المدعو ذا قرابة له ابنه أو أباه أو أمه أو أخاه . قال ابن عباس : يلقى الأب والأم ابنه فيقول : يا بني احمل عني بعض ذنوبي ، فيقول : لا أستطيع حسبي ما علي . { إنما تنذر الذين يخشون } يخافون ، { ربهم بالغيب } ولم يروه . وقال الأخفش : تأويله أي : إنذارك إنما ينفع الذين يخشون ربهم بالغيب ، { وأقاموا الصلاة ومن تزكى } أصلح وعمل خيراً ، { فإنما يتزكى لنفسه } لها ثوابه . { وإلى الله المصير* }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

وقوله : { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } أي : يوم القيامة ، { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا } أي : وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها إلى أن تُسَاعَد على حمل ما عليها من الأوزار أو بعضه ، { لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } ، أي : ولو كان قريبًا إليها ، حتى ولو كان أباها أو ابنها ، كل مشغول بنفسه وحاله ، [ كما قال تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } ] [ عبس : 34 - 37 ] . {[24506]}

قال{[24507]} عكرمة في قوله : { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا } الآية ، قال : هو الجار يتعلق بجاره يوم القيامة ، فيقول : يا رب ، سل هذا : لم كان يغلق بابه دوني . وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة ، فيقول له : يا مؤمن ، إن لي عندك يدًا ، قد عرفت كيف كنت لك في الدنيا ؟ وقد احتجت إليك اليوم ، فلا يزال المؤمن يشفع له عند ربه حتى يرده إلى [ منزل دون ]{[24508]} منزله{[24509]} ، وهو في النار . وإن الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة ، فيقول : يا بني ، أيّ والد كنتُ لك ؟ فيثني خيرا ، فيقول له : يا بني إني قد احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى . فيقول له ولده : يا أبت ، ما أيسر ما طلبت ، ولكني أتخوف مثل ما تتخوف ، فلا أستطيع أن أعطيك شيئا ، ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة - أو : يا هذه - أي زوج كنت لك ؟ فتثني خيرا ، فيقول لها : إني أطلب إليك حسنة واحدة تَهَبِينَها لي ، لعلي أنجو بها مما ترين . قال : فتقول : ما أيسر ما طلبت . ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا ، إني أتخوف مثل الذي تتخوف ، يقول الله : { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا }{[24510]} الآية ، ويقول الله : { لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا } [ لقمان : 33 ] ، ويقول تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } رواه ابن أبي حاتم رحمه الله ، عن أبي عبد الله الطهراني{[24511]} ، عن حفص بن عمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عِكْرِمة ، به .

ثم قال : { إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ }{[24512]} أي : إنما يتعظ بما جئت به أولو البصائر والنهى ، الخائفون من ربهم ، الفاعلون ما أمرهم به ، { وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ } أي : ومَنْ عمل صالحا فإنما يعود نفعه على نفسه ، { وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } أي : وإليه المرجع والمآب ، وهو سريع الحساب ، وسيجزي كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرًّا فشر .


[24506]:- زيادة من ت.
[24507]:- (6) في ت : "كما قال".
[24508]:- زيادة من ت، أ.
[24509]:- في ت : "في منزلة دون منزلته".
[24510]:- زيادة من ت، س، أ.
[24511]:- في أ : "الطبراني".
[24512]:- في س : "ينذر".