بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } يعني : لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى . ويقال : لا تحمل بالطوع ولكن يحمل عليها إذا كان له خصماً .

ثم قال : { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِهَا } يعني : الذي أثقلته الذنوب والأوزار ، إن لو دعا أحداً ، ليحمل عنه بعض أوزاره ، لا يحمل من وزره شيئاً . { وإن كان ذا قربى } أي وإن كان ذا قرابة لا يحمل من وزره . وروى إبراهيم بن الحكم عن أبيه ، عن عكرمة قال : إن الوالد يتعلق بولده يوم القيامة فيقول : يا بني إني كنت لك والداً فيثني عليه خيراً . فيقول : يا بني قد احتجت إلى مثقال ذرة . وفي رواية أخرى : إلى مثقال حبة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى . فيقول له ولده : ما أيسر ما طلبت ولكن لا أطيق . إني أخاف مثل الذي تخوفت . ثم يتعلق بزوجته فيقول لها : إني كنت لك زوجاً في الدنيا فيثني عليها خيراً ويقول : إني طلبت إليك حسنة واحدة لعلي أنجو بها مما ترين . فتقول : ما أيسر ما طلبت ، ولكن لا أطيق . إني أخاف مثل الذي تخوفت فذلك قوله : { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شيء وَلَوْ كَانَ ذَا قربى } .

ثم قال : { إِنَّمَا تُنذِرُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بالغيب } يعني : إنما تخوف بالقرآن الذين يخافون ربهم بالغيب . يعني : آمنوا بالله وهم في غيب منه { وأقاموا الصلاة } يعني : يقيمون الصلاة . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُنذر المؤمنين والكافرين . ولكن الذين يخشون ربهم هم الذين يقبلون الإنذار فكأنه أنذرهم خاصة .

ثم قال : { وَمَن تزكّى } يعني : توحد . ويقال : تطهر نفسه من الشرك . ويقال : من صلح فإنما صلاحه لنفسه يثاب عليه في الآخرة .

ويقال : من يعطي الزكاة فإنما ثوابه لنفسه . { فَإِنَّمَا يتزكى لِنَفْسِهِ وَإِلَى الله المصير } فيجازيهم بعملهم .