المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

12- إنا نحن نحيى الموتى ، ونُسجِّل ما قدموا في الدنيا من أعمال وما أبقوا فيها من آثار بعد موتهم ، وكل شيء أثبتناه في كتاب واضح .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

قوله تعالى : { إنا نحن نحيي الموتى } عند البعث ، { ونكتب ما قدموا } من الأعمال من خير وشر ، { وآثارهم } أي : ما سنوا من سنة حسنة أو سيئة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها ، من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً " وقال قوم : قوله : { ونكتب ما قدموا وآثارهم } أي : خطاهم إلى المسجد . روي عن أبي سعيد الخدري قال : شكت بنو سلمة بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى : { ونكتب ما قدموا وآثارهم }

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، حدثنا أبو سعيد محمد بن عيسى الصيرفي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا محمد بن هشام بن ملاس النميري ، حدثنا مروان الفزاري ، حدثنا حميد بن أنس رضي الله عنه قال : " أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة ، فقال : يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم ؟ فأقاموا " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن يزيد ابن عبد الله أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشىً ، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام " . قوله تعالى : { وكل شيء أحصيناه } حفظناه وعددناه وبيناه ، { في إمام مبين } وهو اللوح المحفوظ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

وهنا يؤكد وقوع البعث ؛ ودقة الحساب ، الذي لا يفوته شيء :

( إنا نحن نحيي الموتى ، ونكتب ما قدموا وآثارهم ، وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ) . .

وإحياء الموتى هو إحدى القضايا التي استغرقت جدلاً طويلاً . وسيرد منه في هذه السورة أمثلة منوعة . وهو ينذرهم أن كل ما قدمت أيديهم من عمل ، وكل ما خلفته أعمالهم من آثار ، كلها تكتب وتحصى ، فلا يند منها شيء ولا ينسى . والله سبحانه هو الذي يحيي الموتى ، وهو الذي يكتب ما قدموا وآثارهم ، وهو الذي يحصي كل شيء ويثبته . فلا بد إذن من وقوع هذا كله على الوجه الذي يليق بكل ما تتولاه يد الله .

والإمام المبين . واللوح المحفوظ . وأمثالها . أقرب تفسير لها هو علم الله الأزلي القديم وهو بكل شيء محيط .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

ثم أخبر تعالى بإحيائه الموتى رداً على الكفرة ، ثم توعدهم بذكره كتب الآثار ، وإحصاء كل شيء وكل ما يصنعه الإنسان ، فيدخل فيما قدم ويدخل في آثاره لكنه تعالى ذكر الأمر من الجهتين ولينبه على الآثار التي تبقى ويذكر ما قدم الإنسان من خير أو شر ، وإلا فذلك كله داخل فيما قدم ابن آدم ، وقال قتادة { ما قدموا } معناه من عمل ، وقاله ابن زيد ومجاهد وقد يبقى للمرء ما يستن به بعد فيؤجر به أو يأثم ، ونظير هذه الآية { علمت نفس ما قدمت وأخرت }{[9777]} [ الانفطار : 5 ] ، وقوله { يُنَبَّأُ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } [ القيامة : 13 ] ، وقرأت فرقة «وآثارهم » بالنصب ، وقرأ مسروق «وآثارهم » بالرفع ، وقال ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري إن هذه الآية نزلت في بني سلمة حين أرادوا النقلة إلى جانب المسجد ، وقد بينا ذلك في أول السورة ، وقال ثابت البناني{[9778]} : مشيت مع أنس بن مالك إلى الصلاة فأسرعت فحبسني فلما انقضت الصلاة قال لي : مشيت مع زيد بن ثابت إلى الصلاة ، فأسرعت في مشيي فحبسني فلما انقضت الصلاة قال : مشيت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فأسرعت في مشيي فحبسني ، فلما انقضت الصلاة قال لي : يا زيد أما علمت أن الآثار تكتب .

قال القاضي أبو محمد : فهذا احتجاج بالآية ، وقال مجاهد وقتادة والحسن : والآثار في هذه الآية الخطا ، وحكى الثعلبي عن أنس أنه قال : الآثار هي الخطا إلى الجمعة{[9779]} ، وقيل الآثار ما يبقى من ذكر العمل فيقتدى به فيكون للعامل أجر من عمل بسنته من بعده ، وكذلك الوزر في سنن الشر ، وقوله تعالى : { وكلَّ شيء } نصب بفعل مضمر يدل عليه { أحصيناه } كأنه قال وأحصينا كل شيء أحصيناه ، و «الإمام » الكتاب المقتدى به الذي هو حجة ، قال مجاهد وقتادة وابن زيد : أراد اللوح المحفوظ ، وقالت فرقة : أراد صحف الأعمال .


[9777]:الآية(5) من سورة (الانفطار).
[9778]:هو ثابت بن أسلم البناني- بضم الموحدة وبنونين مخففتين، أبو محمد البصري، ثقة، عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين، وله ست وثمانون.(تقريب التهذيب).
[9779]:روى الترمذي في (جامعه) عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من غسّل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة يخطوها عمل سنة، أجر صيامها وقيامها)، وقال: حديث حسن، ورواه النسائي، وابن ماجه، وأبو داود، والحاكم وصححه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، وهو حديث صحيح، وقال الإمام السيوطي في (الدر المنثور):"أخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه في قوله تعالى{ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال: هذا في الخطو يوم الجمعة.