النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

قوله عز وجل : { إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى } فيه وجهان :

أحدهما : نحييهم بالإيمان بعد الكفر ، قاله الضحاك .

الثاني : بالبعث للجزاء ، قاله يحيى بن سلام .

{ ونَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ } فيه تأويلان : أحدهما : ما قدموا هو ما عملوا من خير أو شر ، وآثارهم ما أثروا من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها بعدهم ، قاله سعيد بن جبير .

الثاني : ما قدموا : أعمالهم ، وآثارهم : خطاهم إلى المساجد ، قاله مجاهد .

روى سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : كانت بنو سلمة في{[2294]} ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قريب من المسجد ، فنزلت : { إنَّا نَحْنُ نُحِيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ } وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " إن آثَارَكُمْ تُكْتَبُ فَلَمْ يَنتَقِلُوا " .

ويحتمل إن لم يثبت نقل هذا السبب تأويلاً ثالثاً أن آثارهم هو أن يصلح من صاحبهم بصلاحهم ، أو يفسد بفسادهم .

{ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ } فيه وجهان :

أحدهما : علمناه .

الثاني : حفظناه .

{ في إمَامٍ مُّبِينٍ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدهما : اللوح المحفوظ ، قاله السدي . الثاني : أم الكتاب قاله مجاهد .

الثالث : معناه طريق مستقيم ، قاله الضحاك .


[2294]:أخرجه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، انظر أسباب النزول للسيوطي 182