بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

ثم قال عز وجل : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيي الموتى } يعني : نبعثهم في الآخرة { وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ } يعني : نحفظ ما أسلفوا ، وما عملوا من أعمالهم . ويقال : { وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ } يعني : تكتب أعمالهم الكرام الكاتبون ، وما عملوا من خير أو شر { وَآثَارَهُمْ } يعني : ما استنوا من سنة خير أو شر عملوه ، واقتدى بهم من بعدهم ، فلهم مثل أجورهم ، أو عليهم مثل أوزارهم من غير أن ينقص منه شيئاً ، وهذا كقوله عز وجل : { يُنبأ الإنسان يومئذ بما قدّم وأخّر } [ القيامة : 14 ] وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ » إلى آخره وقال مجاهد : { وَآثَارَهُمْ } يعني : خطاهم . وروى مسروق أنه قال : مَا خَطَا عَبْدٌ خُطْوَةً إلاَّ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ أوْ سَيّئَةٌ . وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال : " إن بني سلمة ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «يَا بَنِي سَلَمَةَ دِيَارُكُمْ فَإِنَّمَا تُكْتَبُ آثَارُكُمْ » " . ثم قال :{ وَكُلَّ شيء أحصيناه } أي : حفظناه وبيَّناه { في إِمَامٍ مُّبِينٍ } يعني : في اللوح المحفوظ .