ثم أخبر سبحانه بإحيائه الموتى ، فقال : { إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ الموتى } أي نبعثهم بعد الموت . وقال الحسن ، والضحاك ، أي نحييهم بالإيمان بعد الجهل ، والأوّل أولى . ثم توعدهم بكتب آثارهم ، فقال : { وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ } أي أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة { وَءاثَارَهُمْ } أي ما أبقوه من الحسنات التي لا ينقطع نفعها بعد الموت . كمن سنّ سنّة حسنة أو نحو ذلك ، أو السيئات التي تبقى بعد موت فاعلها : كمن سن سنّة سيئة . قال مجاهد ، وابن زيد : ونظيره قوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } [ الانفطار : 5 ] وقوله : { يُنَبَّأُ الإنسان يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [ القيامة : 13 ] . وقيل : المراد بالآية آثار المشائين إلى المساجد ، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين . قال النحاس : وهو أولى ما قيل في الآية ؛ لأنها نزلت في ذلك . ويجاب عنه بأن الاعتبار بعموم الآية لا بخصوص سببها ، وعمومها يقتضي كتب جميع آثار الخير والشرّ ، ومن الخير : تعليم العلم ، وتصنيفه ، والوقف على القرب ، وعمارة المساجد ، والقناطر . ومن الشرّ : ابتداع المظالم ، وإحداث ما يضرّ بالناس ، ويقتدي به أهل الجور ، ويعملون عليه من مكس أو غيره ، ولهذا قال سبحانه : { وَكُلَّ شىْء أحصيناه في إِمَامٍ مُّبِينٍ } أي وكل شيء من أعمال العباد ، وغيرها كائناً ما كان ، في إمام مبين ، أي كتاب مقتدى به موضح لكل شيء . قال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد : أراد اللوح المحفوظ ، وقالت فرقة : أراد صحائف الأعمال .
قرأ الجمهور { ونكتب } على البناء للفاعل . وقرأ زرّ ، ومسروق على البناء للمفعول . وقرأ الجمهور { كُلّ شَىْء أحصيناه } بنصب { كل } على الاشتغال . وقرأ أبو السمأل بالرفع على الابتداء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.