{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى } أي نبعثهم بعد الموت ، وقال الحسن والضحاك : أي نحييهم بالإيمان بعد الجهل ، والأول أولى ، وهو بيان لشأن عظيم ، ينطوي على الإنذار والتبشير انطواء إجماليا ثم توعدهم بكتب آثارهم فقال : { وَنَكْتُبُ } في صحف الملائكة .
{ مَا قَدَّمُوا } أي أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة { وَآثَارَهُمْ } أي ما أبقوه من الحسنات التي لا ينقطع نفعها بعد الموت كمن سن سنة حسنة كعلم علموه أو كتاب صنفوه ، أو حبس حبسوه ، أو بناء بنوه من مسجد أو رباط ، أو قنطرة ، أو نحو ذلك ، أو السيئات التي تبقى بعد موت فاعلها ، كمن سن سنة سيئة كوظيفة وظفها بعد الظلام على المسلمين وسكة أحدثها فيها تخسيرهم ، وشيء أحدث فيه صد عن ذكر الله من ألحان وملاه ونحو ذلك{[1391]} . قال مجاهد وابن زيد : نظيره قوله : { علمت نفس ما قدمت وأخرت } ، وقوله { ينبؤ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } ، وقيل : المراد بالآية آثار المشائين إلى المساجد ، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين ، قال النحاس : وهو أولى ما قيل في الآية لأنها نزلت في ذلك ، ويجاب عنه بأن الاعتبار بعموم الآية لا بخصوص سببها ، وعمومها يقتضي كتب جميع آثار الخير والشر ، والإحياء هو المعتبر والكتابة مؤكدة معظمة لأمره ، فلهذا قدم الإحياء .
وقرئ : نكتب على البناء للفاعل وللمفعول .
عن أبي سعيد الخدري قال : ( كان بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله { إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم } فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه يكتب آثارهم ثم قرأ عليهم الآية فتركوا ) أخرجه الترمذي وحسنه ، والبزار والحاكم وصححه ، وغيرهم .
وفي صحيح مسلم وغيره من حديث جابر قال : ( إن بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم ويتحولوا قريبا من المسجد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم ) {[1392]} .
{ وَكُلَّ شَيْءٍ } من أعمال العباد وغيرها كائنا ما كان ، وقرأ الجمهور بنصب كل على الاشتغال ، وقرئ بالرفع على الابتداء { أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ } أي كتاب مقتدى به { مُبِينٍ } موضح لكل شيء ، قال مجاهد وقتادة وابن زيد :أراد اللوح المحفوظ ، وقالت فرقه : أراد صحائف الأعمال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.