تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

الآية 12 وقوله تعالى : { إنا نحن نحي الموتى } كأنه ، والله أعلم ، يذكر هذا ليس في موضع الاحتجاج عليهم ، ولكن على أنه هو محييهم إذا ماتوا .

وقوله تعالى : { ونكتب ما قدّموا وآثارهم } قال عامة أهل التأويل : { ونكتب ما قدّموا } [ من خير أو ]{[17388]} شر في حياتهم عملوه{[17389]} [ وآثارهم ] ونكتب أيضا آثارهم ، وهو ما سنّوا من سُنّة خير أو شر ، فاقتُدي بهم بعد موتهم على ما ذُكر في الخبر : أن ( من سنّ سُنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن يُنقص من أجورهم شيء . ومن سنّ سنّة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) [ مسلم : 1017 ] وهو كقوله أيضا : { يُنبّأ الإنسان يومئذ بما قدّم وأخّر } [ القيامة : 13 ] .

وقال بعضهم : { وآثارهم } أي خُطاهم التي خطوها في الخير والشر . وقال قتادة : لو كان الله مغفلا شيئا من شأنك يا ابن آدم لأغفل ما تُعفي الرياح من هذه الآثار . .

وروي على هذا عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه [ أنهما ]{[17390]} قالا : ( إن الأنصار كانت منازلهم بعيدة من المسجد ، فأرادوا أن ينتقلوا قريبا من المسجد ، فنزل { ونكتب ما قدّموا وآثارهم } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن آثارهم تكتب ، فلم تنتقلون ؟ ) [ الترمذي 3226 ] فإن ثبت هذا فهو دليل لمن يقول الآثار بالخُطا .

وقوله تعالى : { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } أي كل [ شيء ]{[17391]} من أعمالهم من خير وشر مُحصى محفوظ { في إمام مبين } يحتمل : { في إمام مبين } أي في الكتاب الذي نكتب [ فيه ]{[17392]} أعمالهم في الدنيا كقوله : { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } [ الإسراء : 71 ] أي بكتابهم الذي كتبت أعمالهم فيه .

ألا ترى أنه قال : { فمن أوتي كتابه بيمينه } ؟ الآية [ الإسراء : 71 ] ويحتمل { في إمام مبين } في أمّ الكتاب ، وهو اللوح المحفوظ ، والله أعلم .


[17388]:في الأصل: وم: و.
[17389]:في الأصل وم: وعملوه.
[17390]:ساقطة من الأصل وم.
[17391]:من م، ساقطة من الأصل.
[17392]:ساقطة من الأصل وم.