المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (25)

25- وإذا كان هذا عقاب الفجار الجاحدين ، فالجنة مثوى المؤمنين ، فأخبر الذين صدَّقوا بالله ورسوله وكتابه ، وأذعنوا للحق دون شك أو ارتياب ، وعملوا الأعمال الصالحة الطيبة - أخبرهم بخبر يسرهم ويشرح صدورهم ، وهو أن الله أعد لهم عنده جنات مثمرة تتخللها الأنهار الجارية تحت أشجارها وقصورها ، كلما رزقهم الله وهم في هذه الجنات - رزقاً من بعض ثمارها قالوا : إن هذا يشبه ما رزقنا من قبل ، لأن هذه الثمرات التي ينالونها تشابه أفرادها في الصورة والجنس ولكنها تتمايز في الطعم واللذة ، ولهم فيها أيضاً زوجات كاملات الطهارة ليس فيهن ما يعاب . وسيبقون في هذه الجنة في حياة أبدية لا يخرجون منها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (25)

قوله تعالى : { وبشر الذين آمنوا } . أي أخبر ، والبشارة : كل خبر صدق تتغير به بشرة الوجه ، ويستعمل في الخير والشر ، وفي الخير أغلب .

قوله تعالى : { وعملوا الصالحات } . أي الفعلات الصالحات ، يعني المؤمنين الذين من أهل الطاعات قال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه : ( وعملوا الصالحات ) أي أخلصوا الأعمال ، كما قال : ( فليعمل عملاً صالحاً ) أي خالياً عن الرياء . قال معاذ : العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء : العلم ، والنية ، والصبر ، والإخلاص . قوله تعالى : { أن لهم جنات } . جمع الجنة ، والجنة البستان الذي فيه أشجار مثمرة ، سميت بها لاجتنانها وتسترها بالأشجار . وقال الفراء : الجنة ما فيه النخيل ، والفردوس ما فيه الكرم .

قوله تعالى : { تجري من تحتها } . أي من تحت أشجارها ومساكنها .

قوله تعالى : { الأنهار } . أي المياه في الأنهار لأن النهر لا يجري ، وقيل من تحتها أي بأمرهم ، لقوله تعالى حكاية عن فرعون ( وهذه الأنهار تجري من تحتي ) أي بأمري ، والأنهار جمع نهر ، سمي به لسعته وضيائه . ومنه النهار . وفي الحديث " أنهار الجنة في غير أخدود " .

قوله تعالى : { كلما } . متى ما .

قوله تعالى : { رزقوا } . أطعموا .

قوله تعالى : { منها } . أي من الجنة .

قوله تعالى : { من ثمرة } . أي ثمرة ومن صلة .

قوله تعالى : { رزقاً } . طعاماً .

قوله تعالى : { قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } . وقبل رفع على الغاية . قال الله تعالى : ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) قيل : من قبل في الدنيا وقيل : الثمار في الجنة متشابهة في اللون ، مختلفة في الطعم ، فإذا رزقوا ثمرة بعد أخرى ظنوا أنها الأولى .

قوله تعالى : { وأتوا به } . رزقا .

قوله تعالى : { متشابهاً } . قال ابن عباس ، ومجاهد ، والربيع : متشابهاً في الأوان ، مختلفاً في الطعوم . وقال الحسن وقتادة : متشابهاً . أي يشبه ثمر الدنيا غير أنها أطيب . وقيل متشابهاً في الاسم مختلفاً في الطعم . قال : ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسامي .

أخبرنا أبو حامد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الصفار ، أنا أحمد بن محمد بن عيسى البري ، أنا محمد ابن كثير ، أنا سفيان الثوري ، عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يبزقون ، يلهمون الحمد والتسبيح ، كما تلهمون النفس ، طعامهم الجشاء ، ورشحهم المسك " .

قوله تعالى : { ولهم فيها } . في الجنان .

قوله تعالى : { أزواج } . نساء وجواري يعني من الحور العين .

قوله تعالى : { مطهرة } . من الغائط ، والبول ، والحيض ، والنفاس ، والبصاق ، والمخاط والمني ، والولد ، وكل قذر . قال إبراهيم النخعي : في الجنة جماع ما شئت ولا ولد . وقال الحسن هن عجائزكم الغمص العمش طهرن من قذرات الدنيا . وقيل : مطهرة عن مساوئ الأخلاق .

قوله تعالى : { وهم فيها خالدون } . دائمون لا يموتون فيها ولا يخرجون منها . أنا أبو عمرو وعبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو حامد أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف العزيزي ، أنا محمد بن إسماعيل البخاري ، أنا قتيبة بن سعيد ، أنا جرير عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أنا فضيل هو ابن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول زمرة من يدخل الجنة يوم القيامة صورة وجوههم مثل صورة القمر ليلة البدر ، والزمرة الثانية على لون أحسن الكواكب في السماء لكل رجل منهم زوجتان ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ سوقهن دون لحومها ودمائها وحللها " .

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي المروزي ، أنا أبو الحسن علي ابن عبد الله الطيسفوني ، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أنا أحمد بن علي الكشميهني ، أنا علي بن حجر ، أنا إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الهمذاني ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : " لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت على الأرض لأضاءت ما بينهما ولملئت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " . صحيح ، أخرجه محمد بن عبد الله بن محمد ، عن معاوية بن عمر ، عن أبي إسحاق ، عن حميد .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أنا أبو محمد بن علي بن محمد ابن شريك الشافعي ، أنا عبد الله بن محمد بن مسلم ، أنا أبو بكر الجوريدي ، أنا أحمد بن الفرج الحمصي ، أنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، أنا محمد ابن المهاجر ، عن الضحاك المعافري ، عن سليمان بن موسى ، حدثني كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا هل من مشمر للجنة ، وإن الجنة لا خطر لها وهي ، ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ونهر مطرد ، وثمرة نضيجة ، وزوجة حسناء جميلة ، وحلل كثيرة ، ومقام أبد في دار سليمة ، وفاكهة خضرة ، وحبرة ، ونعمة في محلة عالية بهية ، قالوا : نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها . قال : قولوا إن شاء الله . قال القوم : إن شاء الله " .

وروى عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أهل الجنة جرد مرد كحل ، لا يفنى شبابهم ، ولا تبلى ثيابهم " .

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي ، أنا الحاكم أبو الفضل الحدادي ، أنا أبو يزيد محمد بن يحيى ، أنا إسحاق الحنظلي ، أنا أبو معاوية ، أنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعيد ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة لسوقاً ليس فيه بيع ولا شراء إلا الصور من الرجال والنساء ، فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها ، إن فيها لمجتمع الحور العين ينادين ، بصوت لم يسمع الخلائق مثله : نحن الخالدات فلا نبيد أبداً ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً ، ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً ، فطوبى لمن كان لنا وكنا له ونحن له " ورواه أبو عيسى عن هناد و أحمد بن منيع عن أبي معاوية مرفوعاً وقال : هذا حديث غريب .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، أنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنا مسلم بن الحجاج ، أنا أبو عثمان سعيد بن عبد الجبار البصري أنا حماد بن مسلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالاً ، فيرجعون إلى أهلهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً فيقول لهم أهلهم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (25)

1

وفي مقابل ذلك المشهد المفزع يعرض المشهد المقابل . مشهد النعيم الذي ينتظر المؤمنين :

( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل ، وأتوا به متشابها ، ولهم فيها أزواج مطهرة ، وهم فيها خالدون ) . .

وهي ألوان من النعيم يستوقف النظر منها - إلى جانب الأزواج المطهرة - تلك الثمار المتشابهة ، التي يخيل إليهم أنهم رزقوها من قبل - أما ثمار الدنيا التي تشبهها بالاسم أو الشكل ، وأما ثمار الجنة التي رزقوها من قبل - فربما كان في هذا التشابه الظاهري والتنوع الداخلي مزية المفاجأة في كل مرة . . وهي ترسم جوا من الدعابة الحلوة ، والرضى السابغ ، والتفكه الجميل ، بتقديم المفاجأة بعد المفاجأة ، وفي كل مرة ينكشف التشابه الظاهري عن شيء جديد !

وهذا التشابه في الشكل ، والتنوع في المزية ، سمة واضحة في صنعة الباريء تعالى ، تجعل الوجود أكبر في حقيقته من مظهره . ولنأخذ الإنسان وحده نموذجا كاشفا لهذه الحقيقة الكبيرة . . الناس كلهم ناس ، من ناحية قاعدة التكوين : رأس وجسم وأطراف . لحم ودم وعظام وأعصاب . عينان وأذنان وفم ولسان . خلايا حية من نوع الخلايا الحية . تركيب متشابه في الشكل والمادة . . ولكن أين غاية المدى في السمات والشيات ؟ ثم أين غاية المدى في الطباع والاستعدادات ؟ إن فارق ما بين إنسان وإنسان - على هذا التشابه - ليبلغ أحيانا أبعد مما بين الأرض والسماء !

وهكذا يبدو التنوع في صنعة الباريء هائلا يدير الرؤوس : التنوع في الأنواع والأجناس ، والتنوع في الأشكال والسمات ، والتنوع في المزايا والصفات . . وكله . . كله مرده إلى الخلية الواحدة المتشابهة التكوين والتركيب .

فمن ذا الذي لا يعبد الله وحده ، وهذه آثار صنعته ، وآيات قدرته ؟ ومن ذا الذي يجعل لله اندادا ، ويد الإعجاز واضحة الآثار ، فيما تراه الأبصار ، وفيما لا تدركه الأبصار ؟

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَبَشّرِ الّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ كُلّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رّزْقاً قَالُواْ هََذَا الّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مّطَهّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

أما قوله تعالى : وَبَشّرْ فإنه يعني : أخبرهم . والبشارة أصلها الخبر بما يسر المخبر به ، إذا كان سابقا به كل مخبر سواه . وهذا أمر من الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بإبلاغ بشارته خلقه الذين آمنوا به وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبماء جاء به من عند ربه ، وصدقوا إيمانهم ذلك وإقرارهم بأعمالهم الصالحة ، فقال له : يا محمد بَشّرْ من صدقك أنك رسولي وأن ما جئت به من الهدى والنور فمن عندي ، وحقق تصديقه ذلك قولاً بأداء الصالح من الأعمال التي افترضتها عليه وأوجبتها في كتابي على لسانك عليه ، أن له جنات تجري من تحتها الأنهار خاصة ، دون من كذّب بك وأنكر ما جئت به من الهدى من عندي وعاندك ، ودون من أظهر تصديقك وأقرّ بأن ما جئته به فمن عندي قولاً ، وجحده اعتقادا ولم يحققه عملاً . فإن لأولئك النار التي وقودها الناس والحجارة معدة عندي . والجنات جمع جنة ، والجنة : البستان . وإنما عنى جل ذكر بذكر الجنة ما في الجنة من أشجارها وثمارها وغروسها دون أرضها ، فلذلك قال عزّ ذكره : تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ لأنه معلوم أنه إنما أرَادَ جل ثناؤه الخبر عن ماء أنهارها أنه جار تحت أشجارها وغروسها وثمارها ، لا أنه جار تحت أرضها لأن الماء إذا كان جاريا تحت الأرض ، فلا حظّ فيها لعيون من فوقها إلا بكشف الساتر بينها وبينه .

على أن الذي توصف به أنهار الجنة أنها جارية في غير أخاديد . كما :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق ، قال : نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها ، وثمرها أمثال القِلال ، كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى ، وماؤها يجري في غير أخدود .

وحدثنا مجاهد ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا مسعر بن كدام ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة بنحوه .

وحدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا ابن مهدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سمعت عمرو بن مرة يحدث عن أبي عبيدة ، فذكر مثله . قال : فقلت لأبي عبيدة : من حدثك ، فغضب وقال : مسروق .

فإذا كان الأمر كذلك في أن أنهارها جارية في غير أخاديد ، فلا شك أن الذي أريد بالجنات أشجار الجنات وغروسها وثمارها دون أرضها ، إذ كانت أنهارها تجري فوق أرضها وتحت غروسها وأشجارها ، على ما ذكره مسروق . وذلك أولى بصفة الجنة من أن تكون أنهارها جارية تحت أرضها . وإنما رغب الله جل ثناؤه بهذه الآية عباده في الإيمان وحضهم على عبادته ، بما أخبرهم أنه أعدّه لأهل طاعته والإيمان به عنده ، كما حذرهم في الآية التي قبلها بما أخبر من إعداده ما أعدّ لأهل الكفر به الجاعلين معه الاَلهة والأنداد من عقابه عن إشراك غيره معه ، والتعرّض لعقوبته بركوب معصيته وترك طاعته .

القول في تأويل قوله تعالى : كُلمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقا قالُوا هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وأتُوا بِهِ مُتَشَابِها .

قال أبو جعفر : يعني : كُلّما رُزِقُوا مِنْهَا من الجنات ، والهاء راجعة على «الجنات » ، وإنما المعنيّ أشجارها ، فكأنه قال : كلما رزقوا من أشجار البساتين التي أعدّها الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات في جناته من ثمرة من ثمارها رزقا قالوا : هذا الذي رُزِقْنا من قبل .

ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : هَذَا الّذِي رزِقْنا مِنْ قَبْلُ فقال بعضهم : تأويل ذلك هذا الذي رزقنا من قبل هذا في الدنيا . ذكر من قال ذلك :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْل قال : إنهم أتوا بالثمرة في الجنة ، فلما نظروا إليها قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل : أي في الدنيا .

وحدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قالوا : هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قبْل يقولون : ما أشبهه به .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله .

وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قالوا : هَذَا الّذِي رزِقْنا مِنْ قَبْل في الدنيا ، قال : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها يعرفونه .

قال أبو جعفر : وقال آخرون : بل تأويل ذلك : هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا ، لشدة مشابهة بعض ذلك في اللون والطعم بعضا . ومن علة قائلي هذا القول أن ثمار الجنة كلما نزع منها شيء عاد مكانه آخر مثله . كما :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن مهدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سمعت عمرو بن مرّة يحدث عن أبي عبيدة ، قال : نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها ، وثمرها مثل القلال ، كلما نزعت منها ثمرة عادة مكانها أخرى . قالوا : فإنما اشتبهت عند أهل الجنة ، لأن التي عادت نظيرة التي نزعت فأكلت في كل معانيها . قالوا : ولذلك قال الله جل ثناؤه : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها لاشتباه جميعه في كل معانيه .

وقال بعضهم : بل قالوا : هَذَا الّذِي رزِقْنا مِنْ قَبْلُ لمشابهته الذي قبله في اللون وإن خالفه في الطعم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم بن الحسين ، قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : حدثنا شيخ من المَصّيصة عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ، قال : يؤتي أحدهم بالصحفة فيأكل منها ، ثم يؤتي بأخرى فيقول : هذا الذي أُتينا به من قبل ، فيقول المَلَكُ : كل فاللون واحد والطعم مختلف .

وهذا التأويل مذهب من تأوّل الآية ، غير أنه يدفع صحته ظاهر التلاوة . والذي يدل على صحته ظاهر الآية ويحقق صحته قول القائلين إن معنى ذلك : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا . وذلك أن الله جل ثناؤه قال : كُلّما رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقا فأخبر جل ثناؤه أن من قيل أهل الجنة كلما رزقوا من ثمر الجنة رزقا أن يقولوا : هذا الذي رُزقنا من قبل . ولم يخصص بأن ذلك من قيلهم في بعض ذلك دون بعض . فإذْ كان قد أخبر جل ذكره عنهم أن ذلك من قيلهم في كل ما رزقوا من ثمرها ، فلا شك أن ذلك من قيلهم في أول رزق رزقوه من ثمارها أتوا به بعد دخولهم الجنة واستقرارهم فيها ، الذي لم يتقدمه عندهم من ثمارها ثمرة . فإذْ كان لا شك أن ذلك من قيلهم في أوله ، كما هو من قيلهم في وسطه وما يتلوه ، فمعلوم أنه محال أن يكون من قيلهم لأوّل رزق رزقوه من ثمار الجنة : هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ هذا من ثمار الجنة . وكيف يجوز أن يقولوا لأوّل رزق رزقوه من ثمارها ولما يتقدمه عندهم غيره : هذا هو الذي رزقناه من قبل إلا أن ينسبهم ذو غرّة وضلال إلى قيل الكذب الذي قد طهرهم الله منه ، أو يدفع دافع أن يكون ذلك من قيلهم لأول رزق رزقوه منها من ثمارها ، فيدفع صحة ما أوجب الله صحته بقوله : كُلّما رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقا من غير نصب دلالة على أنه معنيّ به حال من أحوال دون حال . فقد تبين بما بينا أن معنى الآية : كلما رزق الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ثمرة من ثمار الجنة في الجنة رزقا ، قالوا : هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ هذا في الدنيا .

فإن سألنا سائل فقال : وكيف قال القوم : هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ والذي رُزقوه من قبل قد عدم بأكلهم إياه ؟ وكيف يجوز أن يقول أهل الجنة قولاً لا حقيقة له ؟ قيل : إن الأمر على غير ما ذهبت إليه في ذلك ، وإنما معناه : هذا من النوع الذي رزقناه من قبل هذا من الثمار والرزق ، كالرجل يقول لاَخر : قد أعدّ لك فلان من الطعام كذا وكذا من ألوان الطبيخ والشواء والحلوى ، فيقول المقول له ذاك : هذا طعامي في منزلي . يعني بذلك أن النوع الذي ذكر له صاحبه أنه أعده له من الطعام هو طعامه ، لأن أعيان ما أخبره صاحبه أنه قد أعدّه له هو طعامه . بل ذلك مما لا يجوز لسامع سمعه يقول ذلك أن يتوهم أنه أراده أو قصده لأن ذلك خلاف مخرج كلام المتكلم وإنما يوجه كلام كل متكلم إلى المعروف في الناس من مخارجه دون المجهول من معانيه . فكذلك ذلك في قوله : قالُوا هَذَا الّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ إذ كان ما كانوا رزقوه من قبل قد فني وعدم فمعلوم أنهم عنوا بذلك هذا من النوع الذي رزقناه من قبل ، ومن جنسه في السّمات والألوان على ما قد بينا من القول في ذلك في كتابنا هذا .

وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى قوله : ( وأتوا به متشابها ) أنه متشابه في الفضل : أي كل واحد منه له من الفضل في نحوه مثل الذي للآخر في نحوه . قال أبو جعفر : وليس هذا قولا نستجيز التشاغل بالدلالة على فساده لخروجه عن قول جميع علماء أهل التأويل ، وحسب قول بخروجه عن قول أهل العلم دلالة على خطئه .

القول في تأول قوله : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها .

قال أبو جعفر : والهاء في قوله : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها عائدة على الرزق ، فتأويله : وأُتوا بالذي رزقوا من ثمارها متشابها .

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل المتشابه في ذلك ، فقال بعضهم : تشابهه أن كله خيار لا رذل فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا أبو عامر عن الحسن في قوله : مُتَشابِها قال : خيارا كلها لا رذل فيها .

وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء : قرأ الحسن آيات من البقرة ، فأتى على هذه الآية : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها قال : ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه ؟ وإن ذلك ليس فيه رَذْل .

وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : قال الحسن : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها قال : يشبه بعضه بعضا ليس فيه مرذول .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها أي خيارا لا رذل فيه ، وأن ثمار الدنيا ينقى منها ويرذل منها ، وثمار الجنة خيار كله لا يرذل منه شيء .

وحدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : ثمر الدنيا منه ما يرذل ومنه نُقاوة ، وثمر الجنة نقاوة كله يشبه بعضه بعضا في الطيب ليس منه مرذول .

وقال بعضهم : تشابهه في اللون وهو مختلف في الطعم . ذكر من قال ذلك :

حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في خبر ذكره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النّبي صلى الله عليه وسلم : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها في اللون والمرأى ، وليس يشبه الطعم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها مثل الخيار .

وحدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وأتُوا بِه مُتَشابِها لونه ، مختلفا طعمه ، مثل الخيار من القثاء .

وحدثت عن عمار بن الحسن ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر . عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها يشبه بعضه بعضا ويختلف الطعم .

وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أنبأنا الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : مُتَشابِها قال : مشتبها في اللون ومختلفا في الطعم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج عن ابن جريج ، عن مجاهد : وأتُوا بِهِ مُتَشَابِها مثل الخيار .

وقال بعضهم : تشابه في اللون والطعم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد قوله : مُتَشَابِها قال : اللون والطعم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ويحيى بن سعيد : مُتَشابِها قالا : في اللون والطعم .

وقال بعضهم : تشابهه تشابه ثمر الجنة وثمر الدنيا في اللون وإن اختلف طعومهما . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أنبأنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها قال : يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب .

وحدثنا المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : قال حفص بن عمر ، قال : حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها قال : يشبه ثمر الدنيا ، غير أن ثمر الجنة أطيب .

وقال بعضهم : لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء . ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو كريب ، قال : حدثنا الأشجعي ح ، وحدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قالا جميعا : حدثنا سفيان عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال أبو كريب في حديثه عن الأشجعي : لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء . وقال ابن بشار في حديثه عن مؤمل قال : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء .

حدثنا عباس بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، قال : ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء .

وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : قال عبد الرحمن بن زيد في قوله : وأتُوا بِهِ مُتَشابِها قال : يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا ، التفاح بالتفاح ، والرمان بالرمان ، قالوا في الجنة : هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ في الدنيا ، وأتُوُا بِهِ مُتَشابِها يعرفونه ، وليس هو مثله في الطعم .

قال أبو جعفر : وأولى هذه التأويلات بتأويل الآية ، تأويل من قال : وأُوتُوا بِهِ مُتَشابِها في اللون والمنظر ، والطعمُ مختلفٌ . يعني بذلك اشتباه ثمر الجنة وثمر الدنيا في المنظر واللون ، مختلفا في الطعم والذوق لما قدمنا من العلة في تأويل قوله : كُلما رُزِقُوا مِنْعها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقا قالُوا هَذَا الّذِي رِزِقنا مِنْ قَبْلُ وأن معناه : كلما رزقوا من الجنان من ثمرة من ثمارها رزقا قالُوا : هَذَا الّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ هذا في الدنيا . فأخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم قالوا ذلك من أجل أنهم أُتوا بما أتوا به من ذلك في الجنة متشابها ، يعني بذلك تشابه ما أتوا به في الجنة منه والذي كانوا رزقوه في الدنيا في اللون والمرأى والمنظر وإن اختلفا في الطعم والذوق فتباينا ، فلم يكن لشيء مما في الجنة من ذلك نظير في الدنيا .

وقد دللنا على فساد قول من زعم أن معنى قوله : قالُوا هَذَا الّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ إنما هو قول من أهل الجنة في تشبيههم بعض ثمرات الجنة ببعض ، وتلك الدلالة على فساد ذلك القول هي الدلالة على فساد قول من خالف قولنا في تأويل قوله : وأُتُوا بِهِ مُتَشابِها لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر عن المعنى الذي من أجله قال القوم : هَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ بقوله : وأُتُوا بِهِ مُتَشابِها .

ويُسأل من أنكر ذلك فيزعم أنه غير جائز أن يكون شيء مما في الجنة نظير الشيء مما في الدنيا بوجه من الوجوه ، فيقال له : أيجوز أن يكون أسماء ما في الجنة من ثمارها وأطعمتها وأشربتها نظائر أسماء ما في الدنيا منها ؟ فإن أنكر ذلك خالف نصّ كتاب الله ، لأن الله جل ثناؤه إنما عرّف عباده في الدنيا ما هو عنده في الجنة بالأسماء التي يسمى بها ما في الدنيا من ذلك . وإن قال : ذلك جائز ، بل هو كذلك ، قيل : فما أنكرت أن يكون ألوان ما فيها من ذلك نظائر ألوان ما في الدنيا منه بمعنى البياض والحمرة والصفرة وسائر صنوف الألوان وإن تباينت فتفاضلت بفضل حسن المرآة والمنظر ، فكان لما في الجنة من ذلك من البهاء والجمال وحسن المرآة والمنظر خلاف الذي لما في الدنيا منه كما كان جائزا ذلك في الأسماء مع اختلاف المسميات بالفضل في أجسامها ؟ ثم يعكس عليه القول في ذلك ، فلن يقول في أحدهما شيئا إلا أُلزم في الاَخر مثله .

وكان أبو موسى الأشعري يقول في ذلك بما :

حدثني به ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ وعبد الوهاب ، ومحمد بن جعفر ، عن عوف عن قسامة عن الأشعري ، قال : إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوّده من ثمار الجنة ، وعلمه صنعة كل شيء ، فثماركم هذه من ثمار الجنة ، غير أن هذه تَغَيّرُ وتلك لا تَغَيّرُ .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَهُمْ فِيهَا أزْواجٌ مُطَهّرَةٌ .

قال أبو جعفر : والهاء والميم اللتان في «لهم » عائدتان على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، والهاء والألف اللتان في «فيها » عائدتان على الجنات . وتأويل ذلك : وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات فيها أزواج مطهرة . والأزواج جمع زوج ، وهي امرأة الرجل ، يقال : فلانة زوج فلان وزوجته . وأما قوله مُطَهّرَةٌ فإن تأويله أنهن طهرن من كل أذى وقَذًى وريبة ، مما يكون في نساء أهل الدنيا من الحيض والنفاس والغائط والبول والمخاط والبصاق والمنيّ ، وما أشبه ذلك من الأذى والأدناس والريب والمكاره . كما :

حدثنا به موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في خبر . ذكره عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أما أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ فإنهن لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخمن .

وحدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ يقول : مطهرة من القذر والأذى .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى القطان ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ولَهُمْ فِيهَا أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ قال : لا يبلن ولا يتغوّطن ولا يَمْذِين .

وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه ، إلا أنه زاد فيه : ولا يُمنين ولا يحضن .

وحدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : وَلَهُمْ فِيها أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ قال : مطهرة من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمنيّ والولد .

وحدثني المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله .

وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : لا يبلن ولا يتغوّطن ، ولا يحضن ، ولا يلدن ، ولا يمنين ، ولا يبزقن .

أخبرنا المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحو حديث محمد بن عمرو ، عن أبي عاصم .

وحدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة : وَلَهُمْ فِيها أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ إي والله من الإثم والأذى .

وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : وَلَهُمْ فِيها أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ قال : طهرهن الله من كل بول وغائط وقذر ، ومن كل مأثم .

حدثت عن عمار بن الحسن ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن قتادة قال : مطهرة من الحيض ، والحبل ، والأذى .

وحدثت عن عمار بن الحسن ، قال : حدثني ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : المطهرة من الحيض والحبل .

وحدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد : وَلَهُمْ فيها أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ قال : المطهرة : التي لا تحيض قال : وأزواج الدنيا ليست بمطهرة ، ألا تراهن يدمين ويتركن الصلاة والصيام ؟ قال ابن زيد : وكذلك خلقت حوّاء حتى عصت ، فلما عصت قال الله : إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة .

وحدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع عن الحسن في قوله وَلَهُمْ فِيها أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ قال : يقول : مطهرة من الحيض .

حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا خالد بن يزيد ، قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن الحسن في قوله : وَلَهُمْ فيها أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ قال : من الحيض .

وحدثنا عمرو ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء قوله : لَهُمْ فِيها أزْوَاجٌ مُطَهّرَةٌ قال : من الولد والحيض والغائط والبول ، وذكر أشياء من هذا النحو .

القول في تأويل قوله تعالى : وَهُمْ فيها خالدُونَ .

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : والذين آمنوا وعملوا الصالحات في الجنات خالدون ، فالهاء والميم من قوله وَهُمْ عائدة على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، والهاء والألف في «فيها » على الجنات ، وخلودهم فيها : دوام بقائهم فيها على ما أعطاهم الله فيها من الحَبْرَة والنعيم المقيم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (25)

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( 25 )

{ بشر } مأخوذ من البشرة لأن ما يبشر به الإنسان من خير أو شر يظهر عنه أثر في بشرة الوجه ، والأغلب استعمال البشارة في الخير ، وقد تستعمل في الشر مقيدة به منصوصاً على الشر المبشر به ، كما قال تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } [ آل عمران : 21 ، التوبة ، 34 ، الانشقاق : 24 ] ومتى أطلق لفظ البشارة فإنما يحمل على الخير( {[352]} ) ، وفي قوله تعالى : { وعملوا الصالحات } رد على من يقول إن لفظة الإيمان بمجردها تقتضي الطاعات( {[353]} ) لأنه لو كان ذلك ما أعادها .

و { أن } في موضع نصب ب { بشرِّ } وقيل في موضع خفض على تقدير باء الجر و { جنات } جمع جنة ، وهي بستان الشجرة والنخيل ، وبستان الكرم يقال له الفردوس ، وسميت جنة لأنها تجن من دخلها أي تستره ، ومنه المجن والجنن( {[354]} ) وجن الليل ، و { من تحتها } معناه من تحت الأشجار التي يتضمنها ذكر الجنة وقيل قوله { من تحتها } معناه بإزائها كما تقول داري تحت دار فلان وهذا ضعيف ، و { الأنهار } المياه في مجاريها المتطاولة الواسعة ، لأنها لفظة مأخوذة من أنهرت أي سعت ، ومنه قول قيس بن الخطيم : [ الطويل ] .

ملكت بها كفي فأنْهَرْتَ فَتْقَها . . . يَرَى قَائِمٌ من دونِها ما وراءَها

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «ما أنهر الدم وذكرَ اسمُ الله عليه فكلوه » معناه ما وسع الذبح حتى جرى الدم كالنهر ونسب الجري إلى النهر وإنما يجري الماء وحده تجوزاً( {[355]} ) ، كما قال { واسأل القربة } [ يوسف : 82 ] وكما قال الشاعر : [ مهلهل أخو كليب ] [ الكامل ]

نُبِّئْتُ أن النارَ بعدَك بعدَك أوقدتْ . . . واستبّ بعدك يا كليبُ المجلسُ( {[356]} )

وروي أن أنهار الجنة ليست في أخاديد ، إنما تجري على سطح أرض الجنة منضبطة ، وقوله : { كلما } ظرف يقتضي الحصر وفي هذه الآية رد على من يقول : إن الرزق من شروطه التملك .

قال القاضي أبو محمد : ذكر هذا بعض الأصوليين وليس عندي ببين( {[357]} ) ، وقولهم { هذا } إشارة إلى الجنس أي : هذا من الجنس الذي رزقنا منه من قبل( {[358]} ) ، والكلام يحتمل أن يكون تعجباً وهو قول ابن عباس ، ويحتمل أن يكون خبراً من بعضهم لبعض ، قاله جماعة من المفسرين .

وقال الحسن ومجاهد : «يرزقون الثمرة ثم يرزقون بعدها مثل صورتها والطعم مختلف فهم يتعجبون لذلك ويخبر بعضهم بعضاً » .

وقال ابن عباس : «ليس في الجنة شيء مما في الدنيا سوى الأسماء ، وأما الذوات فمتباينة » .

وقال بعض المتأولين : «المعنى أنهم يرون الثمر فيميزون أجناسه حين أشبه منظره ما كان في الدنيا ، فيقولون : { هذا الذي رزقنا من قبل } في الدنيا » .

قال القاضي أبو محمد : وقول ابن عباس الذي قبل هذا يرد على هذا القول بعض الرد .

وقال بعض المفسرين : «المعنى هذا الذي وعدنا به في الدنيا فكأنهم قد رزقوه في الدنيا إذ وعد الله منتجز » .

وقال قوم : إن ثمر الجنة إذا قطف منه شيء خرج في الحين في موضعه مثله فهذا إشارة إلى الخارج في موضع المجني .

وقرأ جمهور الناس : «وأُتُوا » بضم الهمزة وضم التاء .

وقرأ هارون الأعور : «وأَتَوا » بفتح الهمزة والتاء والفاعل على هذه القراءة الولدان والخدام ، و «أتوا » على قراءة الجماعة أصله أتيوا نقلت حركة الياء إلى التاء ثم حذفت الياء للالتقاء .

وقوله تعالى : { متشابهاً } قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم : «معناه يشبه بعضه بعضاً في المنظر ويختلف في الطعم » .

وقال عكرمة : «معناه يشبه ثمر الدنيا في المنظر ويباينه في جل الصفات » .

وقوله تعالى : { متشابهاً } معناه خيار لا رذل( {[359]} ) فيه ، كقوله تعالى : { كتاباً متشابهاً }( {[360]} ) [ الزمر : 23 ] .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : كأنه يريد متناسباً في أن كل صنف هو أعلى جنسه فهذا تشابه ما ، وقيل { متشابهاً } أي مع ثمر الدنيا في الأسماء لا في غير ذلك من هيئة وطعم ، و { أزواج } جمع زوج والمرأة زوج الرجل والرجل زوج المرأة ويقال في المرأة زوجة ومنه قول الفرزدق : [ الطويل ]

وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي . . . كساع إلى أُسْد الشرى يستبيلُها( {[361]} )

وقال عمار بن ياسر في شأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : «والله إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم » . ذكر البخاري وغيره الحديث بطوله( {[362]} ) . و { مطهرة } أبلغ من طاهرة ، ومعنى هذه الطهارة من الحيض والبزاق( {[363]} ) وسائر أقذار الآدميات ، وقيل من الآثام . والخلود الدوام في الحياة أو الملك ونحوه وخلد بالمكان إذا استمرت إقامته فيه ، وقد يستعمل الخلود مجازاً فيما يطول ، وأما هذا الذي في الآية فهو أبدي حقيقة .


[352]:- نقل أبو حيان في تفسيره هذا الكلام عن ابن عطية، ثم قال: "وتقدم لنا ما يخالف كلامه من قول سيبويه وغيره، وأن البشارة أول خبر يرد على الإنسان من خير كان أو شر- قالوا: وسمي بذلك لتأثيره في البشرة، فإن كان خيرا أثر المسرة والانبساط، وإن كان شرا أثر القبض والانكماش، قال تعالى: [يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان] وقال تعالى: [فبشرهم بعذاب أليم]اهـ. البحر المحيط 1/111.
[353]:- أي: تكفي من دون عمل، وقد اشتهرت فرقة المُرجئة بهذا الرأي، والحق أن الجنة تُنال بالإيمان والعمل الصالح، كما صرحت بذلك الآيات، ورأى ابن عطية أن الإيمان وحده لا يقتضي فعل الطاعة كما هو واضح. راجع (البحر المحيط1/111).
[354]:- الجَنَن: القبر، والمِجَنُّ: التُّرْس.
[355]:- فسر ابن عطية الأنهار بأنها "المياه في مجاريها" –ثم قال بعد ذلك: " ونسب الجري إلى النهر، وإنما يجري الماء وحده تجوزا". وجاء أبو حيان فنسب هذا الكلام لابن عطية، ثم علق عليه ناقدا له في تفسيره "البحر المحيط 1/113". فقال: "وناقض قوله هذا ما شرح به الأنهار قبله بنحو خمسة أسطر". اهـ. والذي يبدو لنا أن كلام أبي حيان في تعليقه يكون صحيحا، ويكون نظرا دقيقا لو أن ابن عطية فسر الأنهار بأنها (المياه وحدها)- لكن الحقيقة أن ابن عطية فسر الأنهار (بأنها المياه في مجاريها المتطاولة الواسعة) ثم قال: إن الذي يجري هو الماء (وحده)- فلا تناقض إذا.
[356]:- هو لمهلهل قاله يرئي أخاه كليبا- وقوله: "المجلس" أي "أهل المجلس". وفي رواية: ذهب الخيار من المعاشر كلهم واسْتبَّ بعدك يا كـــليب المجلس وتقاولوا في أمر كل عـظيمة لو كنت حاضر أمرهم لم ينبسو
[357]:- لأن هذا الرزق في الحياة الآخرة، وكذلك القول هو في الآخرة، فلا يظهر فيه الاستدلال.
[358]:- لأبي حيان في "البحر المحيط 1/115" تعليق لطيف قال فيه: "وليس [هذا] إشارة إلى الجنس، بل [هذا] إشارة إلى الرزق، وكيف يكون إشارة إلى الجنس وقد فسر قوله بعد: من الجنس الذي زقناه من قبل، فكأنه قال: هذا الجنس من الجنس الذي رزقنا من قبل"؟ ثم قال أبو حيان: "ولعل الناقل صحف مثل بمن". يعني لعلها كانت في الأصل (مثل) فنقلها الناقل (من)- ويكون أصل الكلام: "هذا مثل الجنس الذي رزقنا من قبل" اهـ.
[359]:- الرَّذْل الدنيء الخسيس. وضد الجيد، جمعه رذول، ورذلاء.
[360]:- من الآية 23 من سورة (الزمر).
[361]:- الشرى: مأسدة إلى جانب الفرات يضرب بها المثل، وقوله يستبيلها بالباء: أي يأخذ بولها في يده.
[362]:- ذكره في باب "فضل عائشة" من كتاب المناقب، وفي كتاب "الفتن".
[363]:- البزاق هو البصاق- والبزق والبصق لغتان في البزاق والبصاق.