التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (25)

قوله تعالى ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الأنهار )

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الأشج ثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله ابن مرة عن مسروق قال : قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .

ورجاله ثقات وإسناده صحيح ) وله شاهد يأتي في تفسير سورة الكوثر .

وقال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية : لم يبين هنا أنواع هذه الأنهار ولكنه بين ذلك في قوله ( فيها انهار من ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ) سورة محمد : 15 .

وقد عقد البخاري في صحيحه بابا في صفة الجنة والنار فساق أحاديث كثيرة في صفة الجنة وكذا مسلم في صحيحه وورد أيضا كتاب بعنوان الجنة ونعيمها فمن أراد الاستزادة فليرجع إليهما .

أخرج مسلم بإسناده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيحان وجيحان ، والفرات والنيل ، كل من انهار الجنة " .

( صحيح رقم 2839-كتاب الجنة ونعيمها ، ب ما في الدنيا من أنهار الجنة ) . وذكره السيوطي في ( الدر المنثور1/94 ) .

وقال الإمام احمد : ثنا عفان ثنا سليمان عن ثابت عن انس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الرؤيا الحسنة وربما قال رأى أحد منكم رؤيا فإذا رأى الرؤيا الرجل الذي لا يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عنه فإن كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه إليه فجاءت إليه امرأة فقالت يا رسول الله رأيت كأني دخلت الجنة فسمعت وجبة ارتجت لها الجنة فلان بن فلان وفلان بن فلان حتى عدت اثني عشر رجلا فجئ بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم دما فقيل اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ او البيدح فغمسوا فيه فخرجوا منه وجوههم مثل القمر ليلة البدر ثم أتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها واتوا بصحفة فأكلوا منها فما يقلبونها لشق إلا أكلوا فاكهة ما أرادوا وجاء البشير من تلك السرية فقال كان من أمرنا كذا وكذا وأصيب فلان وفلان حتى عد اثني عشر رجلا الذين عدت المرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بالمرأة قصي على هذا روياك فقصت هو كما قالت .

( المسند 3/257 ) . وأخرجه النسائي في السنن الكبرى من طريق أبي هشام المخزومي عن سليمان بن المغيرة به( تحفة الأشراف 1/138 ) . ورجاله ثقات وثابت هو البناني وقد تكلم فيه من جهة الاختلاط إلا ان أبا بكر البرديجي قال : ثابت عن أنس صحيح من حديث شعبة والحمادين وسليمان بن المغيرة فهم ثقات ( تهذيب التهذيب 2/4 ) . فالإسناد صحيح . وذكره السيوطي ونسبه إليهما وإلى عبد بن حميد في مسنده وأبي يعلى والبيهقي في ( الدلائل ) والمقدسي في ( صفة الجنة ) وصححه ( 1/94-95 ) .

قوله تعالى ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل )

أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية يعني ( كلما رزقوا منها من ثمرة ) قال : كلما أوتوا منه بشئ ثم أوتوا بآخر قالوا هذا الذي أوتينا من قبل .

أخرج الطبري بإسناده الحسن عن قتادة ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) أي في الدنيا .

أخرج الطبري عن ابن بشار قال : حدثنا ابن مهدي قال : حدثنا سفيان قال : سمعت عمرو بن مرة يحدث عن أبي عبيدة قال : نخل الجنة نضيد أصلها إلى فرعها ، وثمرها كثل القلال كلما نزعت منها ثمرة عادت مكانها أخرى .

( ورجاله ثقات وإسناده صحيح وابن بشار هو محمد ، وابن مهدي هو عبد الرحمن ، وسفيان هو الثوري ، وأبو عبيدة هو ابن عبد بن مسعود معروف برواية عمرو بن مرة عنه . ( انظر تهذيب التهذيب 8/102 ) .

قوله تعالى ( أوتوا به متشابها )

أخرج ابن أبي حاتم عن احمد بن سنان الو اسطي ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : ليس في الجنة شئ يشبه ما في الدنيا إلا الأسماء .

ورجاله ثقات وإسناده صحيح . وأخرجه سفيان الثوري عن العمش به وقال الشيخ مقبل سنده صحيح على شرط الشيخين إشارة إلى طريق الثوري ( انظر تفسير ابن كثير 1/119 مع الهامش ) .

وأخرجه الطبري من طريق محمد عبيد عن الأعمش به ، ومن طريق مؤمل وابن بشار عن سفيان به .

وأخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية ( وأتوا به متشابها ) يشبه بعضه بعضا ويختلف في الطعم . ثم قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد والضحاك والربيع بن أنس والسدي نحو ما حكينا عن أبي العالية .

قوله تعالى ( ولهم فيها أزواج مطهرة )

وقد بين سبحانه وتعالى نوعا من طهارة الزواج في سورة الرحمن عند قوله ( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) آية : 56 .

وقال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية : لم يبين هنا صفات تلك الأزواج ولكنه بين صفاتهن الجميلة في آيات أخر كقوله ( وعندهم قاصرات الطرف عين ) الصافات : 48 . وقوله ( كأنهن الياقوت والمرجان ) الرحمن : 58 . وقوله ( وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) الواقعة : 22 . وقوله ( وكواعب أترابا ) النبأ : 33 . إلى غير ذلك من الآيات المبينة لجميل صفاتهن .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ( أزواج مطهرة ) يقول : مطهرة من القذر والأذى .

وأخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قال : مطهرة من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون . آنيتهم فيها الذهب ، أمشاطهم من الذهب والفضة ، ومجامرهم الألوة ، ورشحهم المسك . ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن . لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم قلب واحد ، يسبحون الله بكرة وعشيا " .

( صحيح البخاري رقم 3245-بدء الخلق ، ب ما جاء في صفة الجنة ) ، ( وصحيح مسلم رقم 2834 وما بعده –كتاب الجنة وصفة نعيمها ، ب اول زمرة تدخل الجنة ) ، واللفظ للبخاري . وذكره السيوطي في الدر المنثور ( 1/98 ) .

قوله تعالى ( وهم فيها خالدون )

أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الحسن عن ابن إسحاق بسنده الحسن عن ابن عباس ( وهم فيها خالدون ) أي خالدا أبدا يخبرهم ان الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له .

وانظر رواية البخاري من حديث أبي سعيد في سورة مريم آية ( 39 ) .