ثم قال : { وَبَشّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } ، فقد ذكر في أول الآية إثبات الصانع وذكر حجته ، ثم ذكر إثبات الكتاب والنبوة ، ثم ذكر الوعيد للكفار ، لمن لم يؤمن بالله ، ثم ذكر الثواب للمؤمنين ؛ وهكذا في جميع القرآن في كل موضع ذكر عقوبة الكفار ، ثم ذكر على أثره ثواب المؤمنين لتسكن قلوبهم إلى ذلك ، وتزول عنهم الوحشة لكي يثبتوا على إيمانهم ولكي يرغبوا في ثوابه ، فقال { وَبَشّرِ الذين آمَنُواْ } ، أي فرِّح قلوب الذين آمنوا ، يعني صدَّقوا بوحدانية الله تعالى ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به جبريل عليه السلام { وَعَمِلُواْ الصالحات } أي الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { أَنَّ لَهُمْ } أي بأن لهم { جنات } وهي البساتين { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } أي من تحت شجرها ومساكنها وغرفها الأنهار ، يعني أنهار الخمر واللبن والماء والعسل { كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا } ، أي أطعموا من الجنة { مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً } أي طعاماً .
{ قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } أي أطعمنا من الجنة { من قبل } . قال بعضهم : معناه إذا أتي بطعام وثمار في أول النهار فأكلوا منها ، ثم إذا أتُي بها في آخر النهار ، { قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } ، يعني الذي أطعمنا في أول النهار ، لأن لونه يشبه لون ذلك ، فإذا أكلوا منه وجدوا لها طعماً غير طعم الأول . قال بعضهم : معناه { كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } أي في الدنيا ، لأن لونها يشبه لون ثمار الدنيا ، فإذا أكلوا وجدوا طعمها غير ذلك .
ثم قال تعالى : { وَأُتُواْ بِهِ متشابها } قال بعضهم : معناه { متشابها }ً في المنظر مختلفاً في الطعم . وقال بعضهم : { متشابهاً } يعني يشبه بعضها بعضاً في الجودة ، ولا يكون فيها رديء .
حدثنا محمد بن الفضل قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ليس في الجنة شيء يشبه ما في الدنيا إلا الأسماء يعني أسماء الثمار . ثم قال تعالى : { وَلَهُمْ فِيهَا أزواج مُّطَهَّرَةٌ } أي مهذبة في الخلق ويقال : مطهرة في الخلق والخلق ، فأما الخلق فإنهن لا يحضنَ ولا يبلنَ ولا يتمخطن ولا يأتين الخلاء . وأما الخلق ، فهن لا يحسدن ولا يغرن ولا ينظرن إلى غير أزواجهن . قوله تعالى : { وَهُمْ فِيهَا خالدون } أي دائمون لا يموتون ولا يخرجون منها أبداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.