تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (25)

الآية : 25 وقوله تعالى : ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) ؛ الآية تنقض قول من جعل جميع الطاعات إيمانا لما أثبت لهم اسم الإيمان بدون{[341]} الأعمال الصالحات ، غير أن البشارة لهم وذهاب الخوف عنهم إنما أثبتا بالأعمال الصالحات وتحتمل الأعمال الصالحات عمل القلب ؛ وهو أن يأتي بإيمان خالص لله لا كإيمان المنافق بالقول دون القلب .

وقوله تعالى : ( أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) [ يعني بساتين . وقوله : ( من تحتها الأنهار ) قيل فيه بوجوه : قيل : إن البساتين ليست هي اسم الأرض والبقعة خاصة ، ولكن ما يجمع من الأشجار وأغراسها الأنهار . وقيل ( من تحتها ) مما يقع البصر عليها ، وذلك أنزه عند الناس وأجلى وأنيل . وقيل أيضا : ( ومن تحتها ) أي من تحت ما علا منها [ من القصور والغرف ]{[342]} لا تحت الأرض [ مما يكون في الدنيا في بعض المواضيع ، يكون الماء تحت الأرض ]{[343]} كقوله{[344]}عليه السلام " تحت كل شعرة جنابة : [ البيهقي في الكبرى 1/ 175 ] أي تحت ما علا لا تحت الجلد ، فكذلك الأول من تحت ما علا من القصور والغرف ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قيل : هو بوجوه : ( رزقنا من قبل ) [ أي ]{[345]} في الدنيا [ وقيل : ( رزقنا من قبل ) ]{[346]} أي هذا الذي وعدنا في الدنيا أن {[347]} في الجنة هذا . وقيل : ( رزقنا من قبل ) هم{[348]} في الجنة قبل هذا .

وقوله تعالى : ( وأُتُوا به متشابها ) قيل فيه بوجوه ، [ قيل : متشابها ]{[349]} في المنظر مختلفا في الطعم ، وقيل متشابها في الطعم مختلفا في رأي العين والألوان ، لأن من الفواكه ما يستلذ بالنظر إليها دون التناول منها ، وقيل : متشابها في الحسن والبهاء .

وقوله تعالى : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قيل فيه بوجوه : ( مطهرة ) من سوء الخلق والدناءة ، ليس كنساء الدنيا لا يسلمن عن ذلك . وقيل : ( مطهرة ) من الأمراض والأسقام وأنواع ما يبلى به في الدنيا من الدرن والوسخ والحيض . وقيل : ( مطهرة ) لصفاء جوهرها كما يقال : يرى مخ ساقيها من كذا وكذا . وقيل : ( مطهرة ) مختارة مهذبة .

وقوله تعالى : ( وهم فيها خالدون ) أي مقيمون أبدا . فالآية ترد على الجهمية قولهم ؛ لأنهم يقولون بفناء الجنة وفناء ما فيها ، ويذهبون{[350]} إلى أن الله تعالى ، هو الأول والآخر والباقي ، ولو كانت الجنة باقية غير فانية لكان ذلك [ تشبيها ، لكن ذلك ]{[351]} وهم عندنا ؛ لأن الله تعالى ، هو الأول بذاته والآخر بذاته ، والباقي [ بذاته ]{[352]} ، والجنة وما فيها باقية بغيرها . ولو كان في ما ذكر تشبيه لم يكن في ما تقدم تشبيه . وأيضا{[353]} فإن الله تعالى جعل الجنة دارا مطهرة من{[354]} المعايب كلها لما سمّاها : دار قدس ودار سلام . ولو كان آخرها للفناء لكان{[355]} فيها أعظم المعايب ؛ إذ المرء لا يهنأ بعيش إذا نغص عليه بزواله . فلو كان آخره للزوال كان نعمة منغصة على أهلها ؛ فلما نزه عن العيوب كلها ، وهذا أعظم العيوب ، لذلك{[356]} كان التخليد لأهلها أولى بها .


[341]:من ط ع، في الأصل و ط م: دون.
[342]:- من ط م.
[343]:-من ط م.
[344]:- في ط م: دليله ما روي أن.
[345]:-من ط ع.
[346]:- من ط م، في ط ع: وقيل، ساقطة من الأصل.
[347]:- من ط م و ط ع، في الأصل: أي.
[348]:- ساقطة من ط م.
[349]:- من ط م و ط ع،، ساقطة من الأصل.
[350]:- الواو ساقطة من الأصل و ط م.
[351]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.
[352]:- من ط م و ط ع،، ساقطة من الأصل.
[353]:-الواو ساقطة من ط ع.
[354]:- في ط ع: عن.
[355]:- من ط ع، في الأصل و ط م: كان.
[356]:- من ط م، في الأصل و ط ع: كذلك.