قوله تعالى : { قل أمر ربي بالقسط } ، قال ابن عباس : بلا إله إلا الله . وقال الضحاك : بالتوحيد ، وقال مجاهد والسدي : بالعدل .
قوله تعالى : { وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد } قال مجاهد والسدي : يعني توجهوا حيث ما كنتم في الصلاة إلى الكعبة ، وقال الضحاك : إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم أصلي في مسجدي . وقيل : معناه اجعلوا سجودكم لله خالصاً .
قوله تعالى : { وادعوه } ، واعبدوه .
قوله تعالى : { مخلصين له الدين } ، الطاعة والعبادة .
قوله تعالى : { كما بدأكم تعودون } ، قال ابن عباس : إن الله تعالى بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً كما قال : { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } [ التغابن :2 ] ثم يعيدهم يوم القيامة كما خلقهم مؤمناً وكافراً ، قال جابر : يبعثون على ما ماتوا عليه . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنبأنا محمد بن عبد الله الصفار ، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البزي ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يبعث كل عبد على ما مات عليه ، المؤمن على إيمانه والكافر على كفره ) .
وقال أبو العالية : عادوا على عمله فيهم ، قال سعيد بن جبير : كما كتب عليكم تكونون . قال محمد بن كعب : من ابتدأ الله خلقه على الشقاوة صار إليها ، وإن عمل أعمال أهل السعادة ، كما أن إبليس كان يعمل بعمل أهل السعادة ثم صار إلى الشقاوة ، ومن ابتدأ خلقه على السعادة صار إليها وإن عمل بعمل أهل الشقاوة ، وكما أن السحرة كانت تعمل بعمل أهل الشقاوة فصاروا إلى السعادة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، ثنا علي بن الجعد ، حدثنا أبو غسان ، عن أبي حازم قال : سمعت سهل بن سعد يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد يعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة ، وإنه من أهل النار ، وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار ، وإنه من أهل الجنة ، وإنما الأعمال بالخواتيم ) .
وقال الحسن ومجاهد : كما بدأكم وخلقكم في الدنيا ولم تكونوا شيئاً ، كذلك تعودون أحياء يوم القيامة { كما بدأنا أول خلق نعيده } [ الأنبياء :104 ] ، قال قتادة : بدأهم من التراب وإلى التراب يعودون ، نظيره قوله تعالى : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم } . [ طه :55 ] .
وبعد أن ينكر عليهم دعواهم في أن الله أمرهم بهذه الفاحشة ، يبين لهم أن أمر الله يجري في اتجاه مضاد . . لقد أمر الله بالعدل والاعتدال في الأمور كلها لا بالفحش والتجاوز . وأمر بالاستقامة على منهج الله في العبادة والشعائر ، والاستمداد مما جاء في كتابه على رسوله [ ص ] ولم يجعل المسألة فوضى ، يقول فيها كل إنسان بهواه ، ثم يزعم أنه من الله . وأمر بأن تكون الدينونة خالصة له ، والعبودية كاملة ؛ فلا يدين أحد لأحد لذاته ولا يخضع أحد لأمر أحد لذاته :
( قل أمر ربي بالقسط ، وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ، وادعوه مخلصين له الدين ) . .
هذا ما أمر الله به ، وهو يضاد ما هم عليه . . يضاد اتباعهم لآبائهم وللشرائع التي وضعها لهم عباد مثلهم ، مع دعواهم أن الله أمرهم بها . . ويضاد العري والتكشف وقد امتن الله على بني آدم بأنه أنزل عليهم لباساً يواري سوآتهم وريشاً يتجملون به كذلك . . ويضاد هذا الشرك الذي يزاولونه ، بازدواج مصادر التشريع لحياتهم ولعبادتهم . .
وعند هذا المقطع من البيان يجيء التذكير والإنذار ؛ ويلوّح لهم بالمعاد إلى الله بعد انتهاء ما هم فيه من أجل مرسوم للابتلاء ؛ وبمشهدهم في العودة وهم فريقان : الفريق الذي اتبع أمر الله ، والفريق الذي اتبع أمر الشيطان :
كما بدأكم تعودون : فريقا هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ، إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ، ويحسبون أنهم مهتدون . .
إنها لقطة واحدة عجيبة تجمع نقطة البدء في الرحلة الكبرى ونقطة النهاية . نقطة الانطلاق في البدء ونقطة المآب في الانتهاء :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.