لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ} (29)

قوله تعالى : { قل أمر ربي بالقسط } أي :قل يا محمد لهؤلاء الذين يقولون على الله ما لا يعلمون أمر ربي بالقسط يعني بالعدل ، وهذا قول مجاهد والسدي . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بلا إله إلا الله فالأمر بالقسط في هذه الآية يشتمل على معرفة الله تعالى بذاته وصفاته وأفعاله وأنه واحد لا شريك له { وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد } فإن قلت قل أمر ربي بالقسط خبر وقوله وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد أمر وعطف الأمر على الخبر لا يجوز فما معناه .

قلت : فيه إضمار وحذف تقديره قل أمر ربي بالقسط وقال { وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد } فحذف فقال لدلالة الكلام عليه ومعنى الآية قول مجاهد والسدي : وجهوا وجوهكم حيثما كنتم في الصلاة إلى الكعبة ، وقال الضحاك : معناه إذا حضرت الصلاة وأنتم عند المسجد فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم أصلي في مسجدي أو في مسجد قومي . وقيل معناه اجعلوا سجودكم لله خالصاً { وادعوه مخلصين له الدين } أي واعبدوه مخلصين العبادة والطاعة والدعاء لله عز وجل لا لغيره { كما بدأكم تعودون } قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن الله عز وجل بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً كما قال تعالى : { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمناً وكافراً وحجة هذا القول قوله في سياق الآية { فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة } .