غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ} (29)

26

كما قال : { قل أمر ربي بالقسط } قال عطاء والسدي : أي بالعدل وبما ظهر في العقول كونه حسناً . وعن ابن عباس هو قول لا إله إلا الله ويندرج فيه معرفة الله تعالى بذاته وأفعاله وأحكامه . أما قوله : { وأقيموا } فليس من باب عطف الطلب على الخبر وإنما التقدير : وقل أقيموا { وجوهكم } أي استقبلوا القبلة واستقيموا وأخلصوا { عند كل مسجد } في كل وقت سجود أو في مكان سجود كأن المعنى وجهوا وجوهكم حيثما كنتم في الصلاة إلى الكعبة . وقال ابن عباس : المراد أنه إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد فصلوا فيه ولا يقولن أحد إني لا أصلي إلا في مسجد قومي . ثم لما أمر بالتوجه إلى القبلة أمر بعده بالدعاء والأظهر أن المراد به أعمال الصلاة سميت دعاء لأن أشرف أجزاء الصلاة هو الدعاء والذكر ، ويمكن أن يقال : الدعاء بمعنى العبادة فيكون كقوله { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [ البينة : 5 ] ثم برهن على المعاد ليتحقق الجزاء فقال : { كما بدأكم تعودون } قال الحسن ومجاهد : كما بدأ خلقكم في الدنيا ولم تكونوا شيئاً كذلك تعودون أحياء . وعن ابن عباس : المراد كما بدأ خلقكم مؤمناً أو كافراً تعودون فيبعث المؤمن مؤمناً والكافر كافراً ، فإن من خلقه الله تعالى في أول الأمر للشقاوة يعمل بعمل أهل الشقاوة وكانت عاقبته ذلك ، ومن خلقه للسعادة فإنه يعمل عمل أهل السعادة وكانت عاقبته السعادة . ويؤيد هذا التفسير قوله عقيب ذلك .

/خ34