الآية 29 وقوله تعالى : { قل أمر ربي بالقسط } والقسط هو العدل في القول والفعل وغيره كقوله تعالى : { وإذا قلتم فاعدلوا } [ الأنعام : 152 ] وكقوله تعالى : { كونوا قوّامين بالقسط } [ النساء : 135 ] وأصل العدل هو محافظة الشيء على{[8252]} الحد الذي جعل له ، ووضع موضعه .
وقوله تعالى : { وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد } اختلف فيه : قيل : { وأقيموا } أي وسوّوا وجوهكم نحو الكعبة { عند كل مسجد } أي من كل مكان تكونون فيه . وهو كقوله تعالى : { واجعلوا بيوتكم قبلة } [ يونس : 87 ] أي اجعلوا بيوتكم نحو الكعبة كقوله تعالى : { وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره } [ البقرة : 144و150 ] وقيل : { وأقيموا وجوهكم } أي اجعلوا عبادتكم لله ولا تشركوا فيها غيره كقوله تعالى : { وادعوه مخلصين له الدين } [ الأعراف : 29 وغافر : 65 ] . ويشبه أن يكون الوجه /172-أ/ كناية عن الأنفس{[8253]} ، كأنه قال : أقيموا أنفسكم لله ، لا تشركوا فيها ، [ ولا تجعلوا ]{[8254]} لأحد [ فيها ]{[8255]} شركا كقوله تعالى : { ومن يسلم وجهه إلى الله } [ لقمان : 22 ] أي يجعل نفسه لله سالما .
وقوله تعالى : { وادعوه مخلصين له الدين } يحتمل الدعاء نفسه ؛ أي ادعوه ربا خالقا ورحمان { مخلصين له الدين } بالوحدانية والألوهية والربوبية . ويحتمل قوله : { وادعوه }أي اعبدوه { مخلصين له الدين } العبادة [ المخلصة ]{[8256]} ولا تشركوا غيره فيها . ويحتمل أي دينوا بدينه الذي دعاكم إلى ذلك ، وأمركم به .
وقوله تعالى : { كما بدأكم تعودون } قال قائلون : هو{[8257]}صلة قوله { فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون } [ الأعراف : 25 ] كأنهم سألوا : كيف{[8258]} يعودون إذا بعثوا ؟ فقال : { كما بدأكم } [ كما ]{[8259]} خلقكم { تعودون } مثله . ويحتمل أن يكون هو صلة قوله تعالى : { فمنكم كافر ومنكم مؤمن } [ التغابن : 2 ] تعودون كما كنتم{[8260]} في البداءة ؛ الكافر كافرا ، والمؤمن مؤمنا .
وقوله تعالى : { كما بدأكم تعودون } هو من الدّوام{[8261]} ليس من الابتداء ؛ لأنه لا يجوز أن يقال : الصبي{[8262]} . كافر أو مؤمن ، وهو الدّوام والمقام فيه إلى وقت الموت ، وهو في البداءة . وفي الآخرة الإعادة ، وهو كقوله تعالى : { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده } [ الروم : 27 ] وقوله تعالى : { يبدأ } ليس يريد ابتداء نشوئه ولكن كونه في الدنيا . فعلى ذلك قوله تعالى : { كما بدأكم تعودون } الآية : يخرج على وجهين :
أحدهما : أي كما كنتم في الدنيا تعودون في الآخرة . كذلك المؤمن مؤمن والكافر على كفره .
والثاني : كما أنشأكم في الدنيا لا من شيء . فعلى . ذلك يبعثكم . لذلك لا يعجزه شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.