فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ} (29)

قوله : { قُلْ أَمَرَ رَبّي بالقسط } القسط : العدل ، وفيه أن الله سبحانه يأمر بالعدل ، لا كما زعموه من أن الله أمرهم بالفحشاء . وقيل القسط هنا هو : لا إله إلا الله ، وفي الكلام حذف ، أي قل أمر ربي بالقسط فأطيعوه . قوله : { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ } معطوف على المحذوف المقدّر ، أي توجهوا إليه في صلاتكم إلى القبلة في أي مسجد كنتم ، أو في كل وقت سجود ، أو في كل مكان سجود ، على أن المراد بالسجود : الصلاة { وادعوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } أي ادعوه أو اعبدوه حال كونكم مخلصين الدعاء ، أو العبادة له . وقيل : وحدوه ولا تشركوا به . قوله : { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } الكاف : نعت مصدر محذوف . وقال الزجاج : هو متعلق بما قبله . والمعنى : كما أنشأكم في ابتداء الخلق يعيدكم ، فيكون المقصود الاحتجاج على منكري البعث ، فيجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته . وقيل : كما أخرجكم من بطون أمهاتكم تعودون إليه كذلك ليس معكم شيء ، فيكون مثل قوله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ } وقيل : كما بدأكم من تراب تعودون إلى التراب .

/خ30