إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ} (29)

{ قُلْ أَمَرَ رَبّي بالقسط } بيانٌ للمأمور به إثرَ نفي ما أُسند أمرُه إليه تعالى من الأمور المنهيِّ عنها ، والقسطُ العدلُ وهو الوسَطُ من كل شيء ، المتجافي عن طرفي الإفراطِ والتفريط . { وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ } وتوجهوا إلى عبادته مستقيمين غيرَ عادلين إلى غيرها ، أو أقيموا وجوهَكم نحو القِبلة { عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ } في كل وقت سجودٍ أو مكانِ سجودٍ وهو الصلاةُ أو في أي مسجدٍ حضَرتْكم الصلاةُ وعنده ولا تؤخروها حتى تعودوا إلى مساجدكم { وادعوه } واعبدوه { مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } أي الطاعةَ فإن مصيرَكم إليه بالآخرة { كَمَا بَدَأَكُمْ } أي أنشأكم ابتداءً { تَعُودُونَ } إليه بإعادته فيجازيكم على أعمالكم وإنما شُبه الإعادةُ بالإبداء تقريراً لإمكانها والقدرةِ عليها ، وقيل : كما بدأكم من التراب تعودون إليه ، وقيل : حفاةً عراة غُرْلاً تعودون إليه وقيل : كما بدأكم مؤمناً وكافراً يعيدكم .