الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ} (29)

قوله عز وجل : { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بالقسط }[ الأعراف :29 ] .

تضمن معنى أقسطوا ، ولذلك عطف عليه قوله : { وَأَقِيمُواْ } حملاً على المعنى ، والقِسْطُ العَدْلُ ، واختلف في قوله سبحانه : { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } فقال مجاهد ، والسدي : أراد إلى الكعبة ، والمقصد على هذا شَرْعُ القبلة والتزامها .

وقيل : أراد الأمر بإحضار النية لله في كُلِّ صَلاَةٍ ، والقصد نحوه ، كما تقول : وَجَّهْتُ وَجْهِي لله قاله الربيع .

وقيل : المراد إبَاحَةُ الصلاة في كُلِّ موضع من الأرض ، أي : حيث ما كنتم فهو مَسْجِدٌ لكم ، تلزمكم عند الصَّلاَةِ إقامة وجوهكم فيه لله عز وجل .

وقوله سبحانه : { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } قال ابن عَبِّاسٍ ، وقتادة ، ومجاهد : المعنى كما أوجدكم ، واخترعكم ، كذلك يعيدكم بعد الموتِ ، والوقف على هذا التأويل تعودون ، و{ فريقاً } نصب ب «هدى » والثاني منصوب بِفِعْلٍ تقديره : وعذب فريقاً ، وقال جابر بن عبد اللَّه وغيره ، وروي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المُرَادَ الإعلام بأن مَنْ سَبَقَتْ له من اللَّه الحُسْنَى ، ومن كتب سعيداً كان في الآخِرَةِ سَعِيداً ، ومن كتب عليه أنه من أَهْلِ الشَّقَاءِ ، كان في الآخرة شَقِيًّا ، ولا يتبدَّل من الأمور التي أحكمها وَدَبَّرَهَا ، وأنفذها شيء ، فالوقف في هذا التأويل في قوله : { تَعُودُونَ } غير حسن .