المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ} (157)

157- فهؤلاء الصابرون المؤمنون بالله لهم البشارة الحسنة بغفران الله وإحسانه ، وهم المهتدون إلى طريق الخير والرشاد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ} (157)

قوله تعالى : { أولئك } . أهل هذه الصفة .

قوله تعالى : { عليهم صلوات من ربهم ورحمة } . صلوات أي رحمة ، فإن الصلاة من الله الرحمة ، والرحمة ذكرها الله تأكيداً وجميع الصلوات رحمة .

قوله تعالى : { وأولئك هم المهتدون } . إلى الاسترجاع . وقيل إلى الحق والصواب وقيل إلى الجنة والثواب .

قال عمر رضي الله عنه : نعم العدلان ونعمت العلاوة ، فالعدلان الصلاة والرحمة ، والعلاوة الهداية .

وقد وردت أخبار في ثواب أهل البلاء وأجر الصابرين . منها ما أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن محمد بن الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه قال : سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يصب منه " .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، أخبرنا عبد الملك بن عمرو ، أخبرنا زهير بن محمد ، عن محمد بن عمرو بن حلحلة ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما يصيب المسلم من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى ، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ؛ أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أنا محمد بن عبيد ، أخبرنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله : ادع الله لي أن يشفيني قال " إن شئت دعوت الله أن يشفيك ، وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك " قالت : بل أصبر ولا حساب علي .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو سعيد خلف بن عبد الرحمن بن أبي نزار ، أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل النضروي ، أخبرنا أحمد بن نجدة ، أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، أخبرنا حماد ابن زيد ، عن عاصم هو ابن أبي النجود ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشد الناس بلاءً قال : " الأنبياء والأمثل فالأمثل ، يبتلي الله الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا ابتلي على قدر ذلك ، وإن كان في دينه رقة هون عليه فما يزال كذلك حتى يمشي على الأرض وماله من ذنب " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن سعيد بن سنان ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن عظم الجزاء عند الله مع عظم البلاء فإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط " .

أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أخبرنا محمد بن يحيى ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أحبرنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة " .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أخبرنا أبو إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تفيئه ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتز حتى تستحصد " .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث ، عن عمرو بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عجبا للمؤمن إن أصابه خير حمد الله وشكر ، وإن أصابته مصيبة حمد الله وصبر . فالمؤمن يؤجر في كل أمره حتى يؤجر في اللقمة يرفعها إلى في امرأته " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ} (157)

{ أُولَئِكَ } الموصوفون بالصبر المذكور { عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ } أي : ثناء وتنويه بحالهم { وَرَحْمَةٌ } عظيمة ، ومن رحمته إياهم ، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر ، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } الذين عرفوا الحق ، وهو في هذا الموضع ، علمهم بأنهم لله ، وأنهم إليه راجعون ، وعملوا به وهو هنا صبرهم لله .

ودلت هذه الآية ، على أن من لم يصبر ، فله ضد ما لهم ، فحصل له الذم من الله ، والعقوبة ، والضلال والخسار ، فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين ، وأعظم عناء الجازعين ، فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها ، لتخف وتسهل ، إذا وقعت ، وبيان ما تقابل به ، إذا وقعت ، وهو الصبر ، وبيان ما يعين على الصبر ، وما للصابر من الأجر ، ويعلم حال غير الصابر ، بضد حال الصابر .

وأن هذا الابتلاء والامتحان ، سنة الله التي قد خلت ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ، وبيان أنواع المصائب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ} (157)

{ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة } الصلاة في الأصل الدعاء ، ومن الله تعالى التزكية والمغفرة . وجمعها للتنبيه على كثرتها وتنوعها . والمراد بالرحمة اللطف والإحسان . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " من استرجع عند المصيبة ، جبر الله مصيبته ، وأحسن عقباه ، وجعل له خلفا صالحا يرضاه " { وأولئك هم المهتدون } للحق والصواب حيث استرجعوا وسلموا لقضاء الله تعالى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ} (157)

الإتيان باسم الإشارة في قوله : { أولئك عليهم صلوات من ربهم } للتنبيه على أن المشار إليه هو ذلك الموصوف بجميع الصفات السابقة على اسم الإشارة ، وأن الحكم الذي يرد بعد اسم الإشارة مترتب على تلك الأوصاف مثل : { أولئك على هدى من ربهم } [ البقرة : 5 ] وهذا بيان لجزاء صبرهم .

والصلوات هنا مجاز في التزكيات والمغفرات ولذلك عطفت عليها الرحمة التي هي من معاني الصلاة مجازاً في مثل قوله تعالى : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } [ الأحزاب : 56 ] .

وحقيقة الصلاة في كلام العرب أنها أقوال تنبىء عن محبة الخير لأحد ، ولذلك كان أشهر معانيها هو الدعاء وقد تقدم ذلك في قوله تعالى : { ويقيمون الصلاة } [ البقرة : 3 ] ولأجل ذلك كان إسناد هذا الفعل لمن لا يُطلب الخير إلاّ منه متعيناً للمجاز في لازم المعنى وهو حصول الخير ، فكانت الصلاة إذا أسندت إلى الله أو أضيفت إليه دالةً على الرحمة وإيصال ما به النفع من رحمة أو مغفرة أو تزكية .

وقوله : { وأولئك هم المهتدون } بيان لفضيلة صفتهم إذا اهتدوا لِمَا هو حقُّ كل عبْد عارف فلم تزعجهم المصائب ولم تكن لهم حاجباً عن التحقق في مقام الصبر ، لعلمهم أن الحياة لا تخلو من الأكدار ، وأما الذين لم يهتدوا فهم يجعلون المصائب سبباً في اعتراضهم على الله أو كفرهم به أو قول ما لا يليق أو شكهم في صحة ما هم عليه من الإسلام ، يقولون لو كان هذا هو الدين المرضيَّ للَّه لما لَحِقَنا عذاب ومصيبة ، وهذا شأن أهل الضلال الذين حذَّرنا الله أمْرَهم بقوله : { وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه } [ الأعراف : 131 ] وقال في المنافقين : { وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك } [ النساء : 78 ] ، والقول الفصل أن جزاء الأعمال يظهر في الآخرة ، وأما مصائب الدنيا فمسببة عن أسباب دنيوية ، تعرض لعروض سببها ، وقد يجعل الله سبب المصيبة عقوبة لعبده في الدنيا على سوء أدب أو نحوه للتخفيف عنه من عذاب الآخرة ، وقد تكون لرفع درجات النفس ، ولها أحوال ودقائق لا يعلمها إلاّ الله تعالى وقد يطلع عليها العبد إذا راقب نفسه وحاسبها ، ولله تعالى في الحالين لُطف ونكاية يظهر أثر أحدهما للعارفين .