غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ} (157)

153

وعن ابن عباس : أخبر الله تعالى أن المؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند مصيبته كتب الله تعالى له ثلاث خصال : الصلاة من الله والرحمة وتحقيق سبيل الهدى . وعن عمر قال : نعم العدلان { إنا لله وإنا إليه راجعون } { أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمة } ونعم العلاوة { وأولئك هم المهتدون } . قيل : الصلوات من الله الثناء والمدح والتعظيم ، والرحمة النعم العاجلة والآجلة . وقيل : الصلاة الحنو والتعطف وضعت موضع الرأفة كقوله { رأفة ورحمة } { رءوف رحيم } والمعنى عليهم رأفة بعد رأفة ورحمة أيّ رحمة { وأولئك هم المهتدون } لطريق الصواب والفائزون بالكرامة والثواب ، أو هم المستمسكون بآدابه المستنون بما ألزم وأمر وفي الآية حكمان : فرض ونفل . فالفرض هو التسليم لأمر الله تعالى والرضا بقضائه والصبر على أداء فرائضه لا يصرفه عنها مصائب الدنيا ، والنفل قوله { إنا لله وإنا إليه راجعون } فإن في إظهاره فوائد منها : أن غيره يقتدي به إذا سمعه ، ومنها غيظ الكفار وعلمهم بجده واجتهاده في دين الله تعالى والثبات على طاعته . وأما الحكمة في تقديم تعريف الابتلاء فهي أن يوطنوا نفوسهم لهذه المصائب إذا وردت فتكون أبعد من الجزع . وأيضاً إذا علموا أنه سيصل إليهم تلك المحن اشتد حزنهم فيكون ذلك الحزن تعجيلاً للابتلاء فيستحقون بذلك مزيد الثواب . وأيضاً إذا أخبروا بوقوع هذا الابتلاء ثم وقع كان ذلك إخباراً بالغيب فيكون معجزةً . وأيضاً فيه تنفير وتمييز له عن الموافق . كما أن الحكمة في نفس الابتلاء أيضاً ذلك .

دعوى الإخاء على الإخاء كثيرة *** بل في الشدائد تعرف الإخوان

إذا قلت أهدى الهجر إن خلل البلى *** يقولون لولا الهجر لم يطب الحب

وإن قلت كربي دائمُ قالت إنما *** يعدّ محباً من يدوم له الكرب

وإن قلت ما أذنبت قالت مجيبةً *** حياتك ذنب لا يقاس به ذنب