لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ} (157)

{ أولئك } يعني من هذه صفتهم { عليهم صلوات من ربهم } قال ابن عباس : أي مغفرة من ربهم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم صل على آل أبي أوفى " أي أغفر لهم وأرحمهم وإنما جمع الصلوات لأنه عنى مغفرة ، بعد مغفرة ورحمة بعد رحمة { ورحمة } قال ابن عباس : ونعمة والرحمة من الله إنعامه وإفضاله وإحسانه ، ومن الآدميين رقة وتعطف . وقيل : إنما ذكر الرحمة بعد الصلوات لأن الصلاة من الله الرحمة لاتساع المعنى واتساع اللفظ وتفعل ذلك العرب كثيراً ، إذا اختلف اللفظ ، واتفق المعنى ، وقيل : كررهما للتأكيد أي عليهم رحمة بعد رحمة { وأولئك هم المهتدون } يعني إلى الاسترجاع . وقيل : إلى الجنة الفائزون بالثواب . وقيل : المهتدون إلى الحق والصواب . وقال عمر بن الخطاب : نعم العدلان ونعمت العلاوة فالعدلان الصلاة والرحمة والعلاوة الهداية .

فصل : في ذكر أحاديث وردت في ثواب أهل البلاء وأجر الصابرين

( خ ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيراً يصب منه " يعني يبتليه بالمصائب حتى يأجره على ذلك ( ق ) عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلاّ كفر الله عنه بها خطاياه " النصب التعب والإعياء والوصب المرض ( ق ) عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلاّ حط الله عنه من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها " ( ق ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تفيئه ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتز حتى تحصد " الأرزة شجر معروف بالشام ويعرف في العراق ، ومصر بالصنوبر والصنوبر ثمرة الأرزة وقيل : الأرزة الثابتة في الأرض . عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أراد الله بعبد خيراً عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد الله بعبد شراً أمسك عنه حتى يوافي يوم القيامة " وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " أخرجه الترمذي . وله عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض " وله عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة " وقال حديث حسن صحيح ( خ ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلاّ الجنة عن سعد بن أبي وقاص وقال : قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على دينه فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة هون عليه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ، وما عليه خطيئة " أخرجه الترمذي وقال حديث حسن .