قوله تعالى : { أُولَئِكَ } : مبتدأٌ ، و " صلواتٌ " مبتدأٌ ثانٍ ، و " عليهم " خبرُه مقدَّمٌ عليه ، والجملةُ خبرُ قولِه " أولئك " ، ويجوزُ أَنْ تكونَ " صلوات " فاعلاً بقوله : " عليهم " . قال أبو البقاء : " لأنه قد قَوِيَ بوقوعِهِ خبراً . والجملةُ من قولِه : " أولئك " وما بعدَه خبرُ " الذين " على أحِد الأوجه المتقدِّمِة ، أو لا محلَّ لها على غيرِه من الأوجه ، و " قالوا " هو العاملُ في " إذا " لأنه جوابُها ، وقد تقدَّم الكلامُ في ذلك ، وتقدَّم أنها هل تقتضي التكرارَ أم لا ؟
قوله : { إِنَّا للَّهِ } " إنَّ واسمُها وخبرُها في محلِّ نَصْبٍ بالقولِ ، والأصل : إنَّنا بثلاث نوناتٍ ، فَحُذِفَتِ الأخيرةُ من إنَّ لا الأولى ، لأنه قد عُهِدَ حَذْفُها ، ولأنها طَرَفٌ والأطرافُ أَوْلَى بالحَذْفِ ، لا يُقال : " إنها لو حُذِفَتِ الثانيةُ لكانَتْ مخففةً ، والمخففةُ لا تعملُ على الأفصح فكانَ ينبغي أن تُلْغَى فينفصلَ الضميرُ المرفوعُ حينئذٍ إذ لا عمل لها فيه ، فدلَّ عَدَمُ ذلك على أنَّ المحذوفَ النونُ الأولى " لأنَّ هذا الحَذْفَ حَذْفٌ لتوالي الأمثالِ لا ذاك الحَذْفُ المعهود في " إنَّ " و " أصابَتْهم مصيبةٌ " من التجانسِ المغاير ، إذ إحدى كلمتي المادةِ اسمٌ والأخرى فِعْلٌ ، ومثلُه : { أَزِفَتِ الآزِفَةُ } [ النجم : 57 ] { وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ } [ الواقعة : 1 ] قوله : { وَرَحْمَةٌ } عَطْفٌ على الصلاة وإن كانَتْ بمعناها ، فإنَّ الصلاةَ من الله رحمةٌ لاختلافِ اللفظين كقولِه :
وقَدَّمَتِ الأدِيمَ لراهِشَيْهِ *** وأَلْفَى قولَها كَذِباً ومَيْنَا
أَلا حَبَّذا هِنْدٌ وأرضٌ بها هندٌ *** وهندٌ أتى مِنْ دونِها النَّأْيُ والبُعْدُ
قولُه : { مِّن رَّبِّهِمْ } فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ لصلوات ، و " مِنْ " للابتداءِ ، فهو في محلِّ رفعٍ أي : صلواتٌ كائنةٌ من ربهم . والثاني : أن يتعلَّقَ بما تَضَمَنَّه قولُه " عليهم " من الفعل إذا جَعَلْناه رافعاً لصلوات رَفْعَ الفاعلِ ، فعلى الأولِ يكونُ قد حَذَفَ الصفةَ بعد " رحمة " أي : ورحمةٌ منه ، وعلى الثاني لا يَحْتاج إلى ذلك . وقولُه { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } نظيرُ : { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ البقرة : 5 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.