المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

17- يتكلف شربه كأنه يبتلعه مرة أخرى ، ولا يقرب من استساغته لأنه لا يمكن أن يستساغ لكراهته وقذارته ويحيط به أسباب الموت من الشدائد من كل جهة ، وما هو في جهنم بميت فيستريح مما هو فيه ، بل يستقبل في كل وقت عذاباً أشد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

قوله تعالى : { يتجرعه } : أي : يتحساه ويشربه ، لا بمرة واحدة ، بل جرعة جرعة ، لمرارته وحرارته ، { ولا يكاد يسيغه } ، و{ يكاد } : صلة ، أي : لا يسيغه ، كقوله تعالى : { لم يكد يراها } [ النور-40 ] أي : لم يرها . قال ابن عباس- رضي الله عنهما- : لا يجيزه . وقيل : معناه يكاد لا يسيغه ، ويسيغه فيغلي في جوفه .

أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنا محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنا عبد الله بن محمود ، أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبيد الله بن بسر ، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - " عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " ويسقى من ماء صديد * يتجرعه " ، قال : يقرب إلى فيه فيكرهه ، فإذا أدني منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله عز وجل { وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } [ محمد-15 ] ويقول { وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه } [ الكهف-29 ] . وقوله عز وجل { ويأتيه الموت من كل مكان } يعني : يجد هم الموت وألمه من كل مكان من أعضائه . قال إبراهيم التيمي : حتى من تحت كل شعره من جسده . وقيل : يأتيه الموت من قدامه ومن خلفه ، ومن فوقه ومن تحته ، وعن يمينه وعن شماله . { وما هو بميت } ، فيستريح ، قال ابن جريج : تعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فتتفعه الحياة . ونظيرها { ثم لا يموت فيها ولا يحيا } [ الأعلى-13 ] . { ومن ورائه } ، أمامه ، { عذاب غليظ } ، شديد ، وقيل : العذاب الغليظ الخلود في النار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

{ يَتَجَرَّعُهُ } من العطش الشديد { وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ } فإنه إذا قرب إلى وجهه شواه وإذا وصل إلى بطنه قطع ما أتى عليه من الأمعاء ، { وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } أي : يأتيه العذاب الشديد من كل نوع من أنواع العذاب ، وكل نوع منه من شدته يبلغ إلى الموت ولكن الله قضى أن لا يموتوا كما قال تعالى : { لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها }

{ وَمِنْ وَرَائِهِ } أي : الجبار العنيد { عَذَابٌ غَلِيظٌ } أي : قوي شديد لا يعلم وصفه وشدته إلا الله تعالى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

{ يتجرّعه } يتكلف جرعه وهو صفة لماء ، أو حال من الضمير في { يسقى } { ولا يكاد يُسيغه } ولا يقارب أن يسيغه فكيف يسيغه بل يغص به فيطول عذابه ، والسوغ جواز الشراب على الحلق بسهولة وقبول نفس . { ويأتيه الموت من كل مكان } أي أسبابه من الشدائد فتحيط به من جميع الجهات . وقيل من كل مكان من جسده حتى من أصول شعره وإبهام رجله . { وما هو بميّت } فيستريح . { ومن ورائه } ومن بين يديه . { عذاب غليظ } أي يستقبل في كل وقت عذابا أشد مما هو عليه . وقيل هو الخلود في النار . وقيل حبس الأنفاس . وقيل الآية منقطعة عن قصة الرسل نازلة في أهل مكة طلبوا الفتح الذي هو المطر في سنيهم التي أرسل الله تعالى عليهم بدعوة رسوله ، فخيب رجاءهم فلم يسقهم ووعد لهم أن يسقيهم في جهنم بدل سقياهم صديد أهل النار .