الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

والقيح{[36976]} يتجرعه { ولا يكاد يسيغه }[ 17 ] أي : يتحساه ، ولا يكاد يزدرده من شدة كراهيته ، أي : لا يقدر يبلعه{[36977]} .

وروي{[36978]} عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال في قوله : { يتجرعه ولا يكاد يسيغه }[ 17 ] . قال يقرب إليه فيكرهه ، فإذا دنا منه شوى وجهه{[36979]} ، ووقعت فروة رأسه . فإذا شربه{[36980]} ، قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول{[36981]} ( الله تعالى ){[36982]} : { وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم }{[36983]} ، وقال : { وإن يستغيثوا }{[36984]}{ يغاثوا كالمهل يشوي الوجوه }{[36985]} .

ثم قال تعالى : { وياتيه الموت من كل مكان }[ 17 ] : أي يأتيه الموت عن يمينه ، وشماله ، وخلفه وقدامه{[36986]} .

وقيل : معناه : من كل مكان في بدنه من شدة عذابه{[36987]} .

{ وما هو بميت }[ 17 ] : أي : لا تخرج نفسه{[36988]} ، والمعنى : يأتيه ما يُمات منه من كل جانب ، وليس يموت .

قال{[36989]} : ابن جريج : ( تعلق نفسه عند حنجرته ، فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها{[36990]} من جوفه ، فيجد لذلك راحة ){[36991]} .

وقيل : المعنى { وياتيه الموت من كل مكان } : أي{[36992]} ( من تحت كل شعرة في جسده ){[36993]} .

ثم قال : { ومن ورائه عذاب غليظ }[ 17 ] : أي : من وراء ما هو فيه من العذاب ، - يعني – أمامه ( عذاب غليظ ){[36994]} .

قال الفضيل{[36995]} : هو حبس الأنفاس{[36996]} .

وقال القرظي : محمد بن كعب : إذا دعا الكافر في جهنم بالشراب فرآه ، مات موتات ، فإذا دنا منه مات موتات ، فإذا شرب منه مات موتات . فهو قوله : { ( وياتيه ){[36997]} الموت من كل مكان }[ 17 ]{[36998]} .


[36976]:وهو قول مجاهد، وقتادة، والضحاك، انظر: تفسير مجاهد 410، وجامع البيان 16/548، ولم ينسب في مجاز القرآن 1/338، وغريب القرآن 231، ومعاني الزجاج 3/157.
[36977]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/558، ومعاني الزجاج 3/157.
[36978]:ط: روي.
[36979]:ق: وجهة.
[36980]:ق: أشربه.
[36981]:ق: فيقول.
[36982]:ما بين القوسين ساقط من ق.
[36983]:محمد 16.
[36984]:ساقطة من ط.
[36985]:الكهف: 29، وانظر: وقد سبق تخريج الحديث.
[36986]:وهو قول ابن عباس في الجامع 9/231، ولم ينسبه في جامع البيان 16/551.
[36987]:وهو معنى قول إبراهيم التيمي في الجامع 9/231، ولم ينسباه في غريب القرآن 231، وجامع البيان 16/551.
[36988]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/551.
[36989]:ق: وقال.
[36990]:ق: ما كانها.
[36991]:ق: رايحة، وانظر هذا القول في: جامع البيان 16/551، والجامع 9/231.
[36992]:ق: كررت مرتين.
[36993]:وهو قول إبراهيم التيمي في: معاني الفراء 2/72، وجامع البيان 16/551، والجامع 9/231.
[36994]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/552، وإعراب النحاس 2/366.
[36995]:هو أبو علي، الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي، شيخ الحرم، المكي، ثقة في الحديث، أخذ عنه الشافعي، وخلق كثير، ولد في سمرقند، وتوفي بمكة (187 هـ) انظر: التذكرة 1/225، وتهذيب التهذيب 8/294، وصفة الصفوة 2/134، والبداية والنهاية 10/198.
[36996]:انظر هذا القول في: الجامع 9/231.
[36997]:ق: يأتيه.
[36998]:انظر هذا الخبر في: المصدر السابق.