الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

قوله تعالى : { يَتَجَرَّعُهُ } : يجوز أن تكونَ الجملةُ صفةً ل " ماءٍ " ، وان تكونَ حالاً من الضمير في " يُسْقَى " ، وأن تكونَ مستأنفةً . و " تَجَرَّع " تَفَعَّل وفيه احتمالاتٌ ، أحدُها : أنه مطاوعٌ لجَرَّعْتُه نحو : عَلَّمْتُه فَتَعَلَّمْ .

والثاني : أن يكونَ للتكلُّف نحو : تَحَلَّم ، أي ، يتكلَّفُ جَرْعَه ، ولم يذكر الزمخشريُّ غيرَه : الثالث : أنه دالٌّ على المُهْلة نحو : فَهَّمته ، أي : يتناوله شيئاً فشيئاً بالجَرْع ، كما يَفْهم شيئاً فشيئاً بالتفهيم . الرابع : أنه بمعنى جَرَع المجرد نحو : " عَدَوْت الشيءَ " و " تَعَدَّيْتُه " .

{ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } ، أي : لم يقارِبْ إساغَته فكيف بحصولها ؟ كقوله : " لَمْ يَكَدْ يَرَاها " وستأتي إن شاء الله .

قوله : { وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } في الضمير وجهان ، أظهرُهما : أنه عائدٌ على " كل جبار " . والثاني : أنه عائدٌ على العذابِ المتقدِّمِ .