والسؤال الرابع : ما معنى يتجرعه ولا يكاد يسيغه .
الجواب : التجرع تناول المشروب جرعة جرعة على الاستمرار ، ويقال : ساغ الشراب في الحلق يسوغ سوغا وأساغه إساغة . واعلم أن ( يكاد ) فيه قولان :
القول الأول : أن نفيه إثبات ، وإثباته نفي ، فقوله : { ولا يكاد يسيغه } أي ويسيغه بعد إبطاء لأن العرب تقول : ما كدت أقوم ، أي قمت بعد إبطاء قال تعالى : { فذبحوها وما كادوا يفعلون } يعني فعلوا بعد إبطاء ، والدليل على حصول الإساغة قوله تعالى : { يصهر به ما في بطونهم والجلود } ولا يحصل الصهر إلا بعد الإساغة .
أيضا فإن قوله : { يتجرعه } يدل على أنهم أساغوا الشيء بعد الشيء فكيف يصح أن يقال بعده إنه يسيغه البتة .
والقول الثاني : أن كاد للمقاربة فقول : { لا يكاد } لنفي المقاربة يعني : ولم يقارب أن يسيغه فكيف يحصل الإساغة كقوله تعالى : { لم يكد يراها } أي لم يقرب من رؤيتها فكيف يراها .
فإن قيل : فقد ذكرتم الدليل على حصول الإساغة ، فكيف الجمع بينه وبين هذا الوجه .
قلنا عنه جوابان : أحدهما : أن المعنى : ولا يسيغ جميعه كأنه يجرع البعض وما ساغ الجميع . الثاني : أن الدليل الذي ذكرتم إنما دل على وصول بعض ذلك الشراب إلى جوف الكافر ، إلا أن ذلك ليس بإساغة ، لأن الإساغة في اللغة إجراء الشراب في الحلق بقبول النفس واستطابة المشروب والكافر يتجرع ذلك الشراب على كراهية ولا يسيغه ، أي لا يستطيبه ولا يشربه شربا بمرة واحدة وعلى هذين الوجهين يصح حمل لا يكاد على نفي المقاربة ، والله أعلم .
النوع الثالث : مما ذكره الله تعالى في وعيد هذا الكافر قوله : { ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت } والمعنى : أن موجبات الموت أحاطت به من جميع الجهات ، ومع ذلك فإنه لا يموت وقيل من كل جزء من أجزاء جسده .
النوع الرابع : قوله : { ومن ورآئه عذاب غليظ } وفيه وجهان : الأول : أن المراد من العذاب الغليظ كونه دائما غير منقطع . الثاني : أنه في كل وقت يستقبله يتلقى عذابا أشد مما قبله . قال المفضل : هو قطع الأنفاس وحبسها في الأجساد ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.