100- قل - يا أيها النبي - للناس : لا يتساوى ما أباحه الله لكم من الطيبات ، وما حرَّمه عليكم من الخبائث ، فإن الفرق بينهما كبير عند الله ، ولو كثر الخبيث وأعجب كثيراً من الناس . فاجعلوا - يا أصحاب العقول - طاعة الله وقاية لكم من عذابه باختيار الطيبات واجتناب الخبائث ، لتكونوا من الفائزين في الدنيا والآخرة .
قوله تعالى : { والله يعلم ما تبدون وما تكتمون قل لا يستوي الخبيث والطيب } ، أي الحلال والحرام .
قوله تعالى : { ولو أعجبك } ، سرك .
قوله تعالى : { كثرة الخبيث } ، نزلت في شريح بن ضبعة البكري ، وحجاج بن بكر بن وائل .
قوله تعالى : { فاتقوا الله } ، ولا تتعرضوا للحجاج وإن كانوا مشركين ، وقد مضت القصة في أول السورة .
{ 100 } { قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
أي : { قُلْ } للناس محذرا عن الشر ومرغبا في الخير : { لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ } من كل شيء ، فلا يستوي الإيمان والكفر ، ولا الطاعة والمعصية ، ولا أهل الجنة وأهل النار ، ولا الأعمال الخبيثة والأعمال الطيبة ، ولا المال الحرام بالمال الحلال .
{ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } فإنه لا ينفع صاحبه شيئا ، بل يضره في دينه ودنياه .
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } فأمر أُولي الألباب ، أي : أهل العقول الوافية ، والآراء الكاملة ، فإن الله تعالى يوجه إليهم الخطاب . وهم الذين يؤبه لهم ، ويرجى أن يكون فيهم خير .
ثم أخبر أن الفلاح متوقف على التقوى التي هي موافقة الله في أمره ونهيه ، فمن اتقاه أفلح كل الفلاح ، ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الأرباح .
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } يا محمد : { لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ } أي : يا أيها الإنسان { كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } يعني : أن القليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار ، كما جاء في الحديث : " ما قَلَّ وكَفَى ، خَيْرٌ مما كَثُر وألْهَى " .
وقال أبو القاسم البَغَوِيُّ في معجمه : حدثنا أحمد بن زُهَيْر ، حدثنا الحَوْطِي ، حدثنا محمد بن شعيب ، حدثنا مُعان{[10426]} بن رِفاعة ، عن أبي عبد الملك علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة أنه أخبره عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أنه قال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه " . {[10427]}
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ } أي : يا ذوي العقول الصحيحة المستقيمة ، وتجنبوا الحرام ودعوه ، واقنعوا بالحلال واكتفوا به { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي : في الدنيا والآخرة .
{ قل لا يستوي الخبيث والطيب } حكم عام في نفي المساواة عند الله سبحانه وتعالى بين الرديء من الأشخاص والأعمال والأموال وجيدها ، رغب به في مصالح العمل وحلال المال . { ولو أعجبك كثرة الخبيث } فإن العبرة بالجودة والرداءة دون القلة والكثرة ، فإن المحمود القليل خير من المذموم الكثير ، والخطاب لكل معتبر ولذلك قال : { فاتقوا الله يا أولي الألباب } أي فاتقوه في تحري الخبيث وإن كثر ، وآثروا الطيب وإن قل . { لعلكم تفلحون } راجين أن تبلغوا الفلاح . روي : أنها نزلت في حجاج اليمامة لما هم المسلمون أن يوقعوا بهم فنهوا عنه ، وإن كانوا مشركين .
وقوله { هل يستوي } الآية لفظ عام في جميع الأمور يتصور في المكاسب وعدد الناس والمعارف من العلوم ونحوها ، ف { الخبيث } من هذا كله لا يفلح ولا ينجب ولا تحسن له عاقبة ، { والطيب } ولو قل نافع جميل العاقبة وينظر إلى هذه الآية قوله تعالى : { والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً }{[4739]} والخبث هو الفساد الباطن في الأشياء حتى يظن بها الصلاح والطيب وهي بخلاف ذلك ، وهكذا هو الخبث في الإنسان ، وقد يراد بلفظة خبيث في الإنسان فساد نسبه ، فهذا لفظ يلزم قائله على هذا القصد الحد ، وقوله تعالى { فاتقوا الله يا أولي الألباب } تنبيه على لزوم الطيب في المعتقد والعمل ، وخص { أولي الألباب } بالذكر لأنهم المتقدمون في ميز هذه الأمور والذين لا ينبغي لهم إهمالها مع ألبابهم وإدراكهم ، وكأن الإشارة بهذه { الألباب } إلى لب التجربة الذي يزيد على لب التكليف بالحنكة والفطنة المستنبطة والنظر البعيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.