اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (100)

قوله تعالى : { قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ } لمَّا رغَّب - سبحانه وتعالى - في الطَّاعةِ ، والتَّنَزُّهِ عن المَعْصِيَةِ بقوله : { اعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، ثمَّ أتْبَعَهُ بالتَّكليفِ بقوله تعالى : { مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ } { وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } ، أتْبَعَهُ بِنَوْعٍ آخَر من التَّرْغيبِ في الطَّاعَةِ وتَرْكِ المعْصِيَةِ ، فقال : { قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ } .

قال المُفَسِّرُون{[12652]} : أي : الحَلالُ والحرَامُ .

وقال السدِّيُّ : المُؤمِنُ والكَافِرُ{[12653]} ، وقيل : المُطِيع والعَاصِي ، وقيل : الرَّدِيءُ والجيِّد .

قال القرطبي{[12654]} : وهذا على ضَرْبِ المثال ، والصَّحِيحُ أنَّهُ عَامٌّ ، فيتَصَوَّر في المكاسبِ ، والأعمالِ ، والنَّاس ، والمعارف من العُلُوم وغيْرِها ، فالخَبِيثُ [ من هذا كُله لا يُفلح ولا يُنجِبُ ، ولا تَحْسن له عَاقِبةٌ ]{[12655]} وإنْ كثُرَ ، والطَّيِّبُ وإنْ قَلَّ نافعٌ .

[ قوله تعالى ]{[12656]} : { وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } .

نزلت في شُرَيْج بن ضُبَيْعَة البَكْري ، وحجَّاجِ بن بكرِ بن وائل ، " فاتَّقُوا اللَّه " ولا تتعرَّضُوا للحجَّاج وإنْ كانُوا مُشرِكِين ، وقد مَضَتِ القِصَّةُ أوَّلَ السُّورَة { يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } وجواب { وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ } : محذوفٌ ، أي : ولو أعْجبكَ كَثْرةُ الخبيثِ ، لَما استوى مع الطَّيِّبِ ، أو : لما أجْدَى شيئاً في المساواة .


[12652]:ينظر: تفسير القرطبي 6/211.
[12653]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (5/81)عن السدي وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/590) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
[12654]:ينظر: تفسير القرطبي 6/211.
[12655]:في أ: ما يقع فيه.
[12656]:سقط في أ.