الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (100)

البون بين الخبيث والطيب بعيد عند الله تعالى وإن كان قريباً عندكم ، فلا تعجبوا بكثرة الخبيث حتى تؤثروه لكثرته على القليل الطيب ، فإنّ ما تتوهمونه في الكثرة من الفضل ، لا يوازي النقصان في الخبيث ، وفوات الطيب ، وهو عام في حلال المال وحرامه ، وصالح العمل وطالحه ، وصحيح المذاهب وفاسدها ، وجيد الناس ورديهم { فاتقوا الله } وآثروا الطيب ، وإن قل ، على الخبيث وإن كثر . ومن حق هذه الآية أن تكفح بها وجوه المجبرة إذا افتخروا بالكثرة كما قيل :

وَكَاثِرْ بِسَعْدٍ إِنَّ سَعْداً كَثِيرَةٌ *** وَلاَ تَرْجُ مِنْ سَعْدٍ وَفَاءاً وَلاَ نَصْرَا

وكما قيل :

لاَ يَدْهَمَنَّكَ مِنْ دَهْمَائِهِمْ عَدَدٌ *** فَإِنَّ جُلَّهُمُ بَلْ كُلَّهُمْ بَقَرُ

وقيل : نزلت في حجاج اليمامة ، حين أراد المسلمون أن يوقعوا بهم ، فنهوا عن الإيقاع بهم وإن كانوا مشركين .