فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (100)

قيل المراد بالخبيث والطيب : الحرام والحلال ، وقيل المؤمن والكافر ، وقيل العاصي والمطيع ، وقيل الرديء والجيد . والأولى أن الاعتبار بعموم اللفظ فيشمل هذه المذكورات وغيرها مما يتصف بوصف الخبث والطيب من الأشخاص والأعمال والأقوال ، فالخبيث لا يساوي الطيب بحال من الأحوال . قوله : { وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخبيث } قيل الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، وقيل لكل مخاطب يصلح لخطابه بهذا . والمراد : نفي الاستواء في كل الأحوال ، ولو في حال كون الخبيث معجباً للرائي للكثرة التي فيه ، فإن هذه الكثرة مع الخبيث في حكم العدم ، لأن خبث الشيء يبطل فائدته ، ويمحو بركته ، ويذهب بمنفعته ، والواو إما للحال أو للعطف على مقدّر : أي لا يستوي الخبيث والطيب ، لو لم تعجبك كثرة الخبيث ، ولو أعجبك كثرة الخبيث ، كقولك أحسن إلى فلان ، وإن أساء إليك ، أي أحسن إليه إن لم يسيء إليك ، وإن أساء إليك ، وجواب لو محذوف : أي ولو أعجبك كثرة الخبيث فلا يستويان .

/خ104