الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (100)

قوله تعالى : { قُل لاَّ يَسْتَوِي الخبيث والطيب . . . } [ المائدة :100 ]

لفظ عامٌّ في جميع الأمور ، فيتصوَّر في المكاسِب ، وعدد النَّاس ، والمعارفِ مِنَ العلوم ونحوِهَا ، فالخبيثُ مِنْ هذا كلِّه لا يُفْلِحُ ولا يُنْجِبُ ، ولا تحسُنُ له عاقبةٌ ، والطَّيِّبُ وإنْ قَلَّ : نافعٌ جميل العاقبة ، ويَنْظُرُ إلى هذه الآيةِ قوله تعالى : { والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ والذي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً }[ الأعراف : 58 ] والخبث : هو الفساد الباطنُ في الأشياء حتى يظن بها الصَّلاح ، وهي بخلافِ ذلك .

وقوله سبحانه : { فاتقوا الله يا أولي الألباب }[ المائدة :100 ] تنبيهٌ على لزوم الطَّيِّب في المعتقَدِ ، والعملِ ، وخُصَّ أولو الألباب بالذِّكْر ، لأنهم المتقدِّمون في مَيْز هذه الأمور ، والذين لا ينبغي لهم إهمالها ، مع ألبابهم وإدراكهم .