غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (100)

87

عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله عز وجل حرم عليكم عبادة الأوثان وشرب الخمر والطعن في الأنساب ألا وإن الخمر لعن الله شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها » فقام إليه أعرابي فقال : يا رسول الله إني كنت رجلاً هذه تجارتي واستفدت من بيع الخمر مالاً فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة ، إن الله لا يقبل إلا الطيب » ، وأنزل الله عز وجل تصديقاً لقول رسوله { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث } وهو عام في حرام الأموال وحلالها وفاسد الأعمال وصالحها وسقيم المذاهب وصحيحها ورديء النفوس وجيدها ، وأخبث الخبائث الروحانية الجهل والمعصية ، وأطيب الطيبات الروحانية معرفة الله تعالى وطاعته ، والبون بين الصنفين في العالم الروحاني أبعد منه في العالم الجسماني ، لأن أثرهما في عالم الأرواح أبقى وأدوم وأجل وأعظم ، فلا تستبدل الخبيث يا إنسان بالطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ، لأن كثرته في تحقيق قلة ، ولذته في نفس الأمر ذلة ، ونقده زيف وصرف العمر في طلبه حيف .

/خ100