المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

112- قل - أيها النبي - : يا رب احكم بيني وبين مَنْ بلَّغتُهم الوحي بالعدل حتى لا يستوي المؤمنون والكافرون ، وربنا المنعم بجلائل النعم ، المستحق للحمد والشكر ، وهو المستعان به علي إبطال ما تفترونه أيها الكافرون .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

قوله تعالى : { قال رب احكم بالحق } قرأ حفص عن عاصم قال : ( رب احكم ) وقرأ والآخرون : { قل رب احكم } يعني : افصل بيني وبين من كذبني بالحق ، فإن قيل : كيف قال احكم بالحق والله لا يحكم إلا بالحق ؟ قيل : الحق ها هنا بمعنى العذاب لأنه استعجل العذاب لقومه فعذبوا يوم بدر ، نظيره قوله تعالى : { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق } قال أهل المعاني معناه : رب احكم بحكمك الحق فحذف الحكم وأقيم الحق مقامه ، والله تعالى يحكم بالحق طلب منه أو لم يطلب ، ومعنى الطلب : ظهور الرغبة من الطالب في حكمه الحق { و ربنا الرحمن المستعان على ما تصفون } من الكذب والباطل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

{ قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ } أي : بيننا وبين القوم الكافرين ، فاستجاب الله هذا الدعاء ، وحكم بينهم في الدنيا قبل الآخرة ، بما عاقب الله به الكافرين من وقعة " بدر " وغيرها .

{ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } أي : نسأل ربنا الرحمن ، ونستعين به على ما تصفون ، من قولكم سنظهر عليكم ، وسيضمحل دينكم ، فنحن في هذا ، لا نعجب بأنفسنا ، ولا نتكل على حولنا وقوتنا ، وإنما نستعين بالرحمن ، الذي ناصية كل مخلوق بيده ، ونرجوه أن يتم ما استعناه به من رحمته ، وقد فعل ، ولله الحمد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

93

وهنا يتوجه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] إلى ربه . وقد أدى الأمانة ، وبلغ الرسالة . وآذنهم على سواء ، وحذرهم بغتة البلاء . . يتوجه إلى ربه الرحمن يطلب حكمه الحق بينه وبين المستهزئين الغافلين ، ويستعينه على كيدهم وتكذيبهم . وهو وحده المستعان :

( قال : رب احكم بالحق ، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) . .

وصفة الرحمة الكبيرة هنا ذات مدلول . فهو الذي أرسله رحمة للعالمين ، فكذب به المكذبون واستهزأ به المستهزئون . وهو الكفيل بأن يرحم رسوله ويعينه على ما يصفون .

وبهذا المقطع القوي تختم السورة كما بدأت بذلك المطلع القوي . فيتقابل طرفاها في إيقاع نافذ قوي مثير عميق .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

ثم أمره تعالى أن يقول على جهة الدعاء { رب احكم بالحق } والدعاء هنا بهذا فيه توعد ، أي إن الحق إنما هو في نصرتي عليكم ، وأمر الله تعالى بهذا الدعاء دليل على الإجابة والعدة بها ، وقرأت فقر «رب احكم » وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «ربُّ » بالرفع على المنادى المفرد وقرأت فرقة «ربي أحْكَمُ » على وزن أفعل وذلك على الابتداء والخبر ، وقرأت فرقة «ربي أحْكَمُ » على وزن أنه فعل ماض ، ومعاني هذه القراءات بينة ، ثم توكل في آخر الآية واستعان بالله تعالى ، وقرأ جمهور القراء «قل رب » وقرأ عاصم فيما روي عنه «قال رب » وقرأ ابن عامر وحده «يصفون » بالياء ، وقرأ الباقون والناس «تصفون » بالتاء من فوق على المخاطبة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

استئناف ابتدائي بعدما مضى من وصف رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وإجمال أصلها وأمره بإنذارهم وتسجيل التبليغ . قصد من هذا الاستئناف التلويح إلى عاقبة أمر هذا الدين المرجوة المستقبلة لتكون قصة هذا الدين وصاحبه مستوفاة المبدأ والعاقبة على وِزان ما ذكر قبلها من قصص الرسل السابقين من قوله تعالى : { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء } [ الأنبياء : 48 ] إلى هنا .

وفي أمر الله تعالى نبيئه عليه الصلاة والسلام بالالتجاء إليه والاستعانة به بعدما قال له : { فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء } [ الأنبياء : 109 ] رمز إلى أنهم متولُّون لا محالة وأن الله سيحكم فيهم بجزاء جرمهم لأن الحكم بالحق لا يغادرهم ، وإن الله في إعانته لأن الله إذا لقن عباده دعاء فقد ضمن لهم إجابته كقوله تعالى : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } [ البقرة : 286 ] ونحو ذلك ، وقد صدق الله وعده واستجاب لعبده فحكم في هؤلاء المعاندين بالحق يوم بدر .

والمعنى : قل ذلك بمسمع منهم إظهاراً لتحديه إياهم بأنه فوّض أمره إلى ربه ليحكم فيهم بالحق الذي هو خضد شوكتهم وإبطال دينهم ، لأن الله يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق .

الباء في قوله تعالى { بالحق } للملابسة . وحُذف المتعلّق الثاني لفِعل { احكم } لتنبيههم إلى أن النبي على الحق فإنه ما سأل الحكم بالحق إلا لأنه يريده ، أي احكم لنا أو فيهم أو بيننا .

وقرأ الجمهور { قل } بصيغة الأمر . وقرأ حفص { قال } بصيغة الماضي مثل قوله تعالى : { قل ربي يعلم القول } [ الأنبياء : 4 ] في أول هذه السورة . ولم يكتب في المصحف الكوفي بإثبات الألف . على أنه حكاية عن الرسول صلى الله عليه وسلم

و { ربّ } منادى مضاف حذفت منه ياء المتكلم المضاف هو إليها وبقيت الكسرة دليلاً على الياء .

وقرأ الجمهور بكسر الباء من { ربّ } . وقرأه أبو جعفر بضم الباء وهو وجه عربيّ في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم كأنهم جعلوه بمنزلة الترخيم وهو جائز إذا أُمِن اللبس .

وتعريف المسند إليه بالإضافة في قوله تعالى وربّنا } لتضمنها تعظيماً لشأن المسلمين بالاعتزاز بأن الله ربُّهم .

وضمير المتكلم المشارك للنبيء ومن معه من المسلمين . وفيه تعريض بالمشركين بأنهم ليسوا من مربوبية الله في شيء حَسْبَ إعراضهم عن عبادته إلى عبادة الأصنام كقوله تعالى : { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم } [ محمد : 11 ] .

والرحمان عطف بيان من { ربُّنا } لأن المراد به هنا الاسم لا الوصف تورُّكاً على المشركين ، لأنهم أنكروا اسم الرحمان { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا } [ الفرقان : 60 ] .

وتعريف { المستعان } لإفادة القصر ، أي لا أستعين بغيره على ما تصفون ، إذ لا ينصرنا غير ربنا وهو ناظر إلى قوله تعالى : { وإياك نستعين } [ الفاتحة : 5 ] .

وفي قوله تعالى : { على ما تصفون } مضاف محذوف هو مجرور ( على ) ، أي على إبطال ما تصفون بإظهار بطلانكم للناس حتى يؤمنوا ولا يتبعوكم ، أو على إبطال ما يترتب عليه من أذاهم له وللمؤمنين وتأليب العرب عليه .

ومعنى { ما تصفون } وما تَصدر به أقوالكم من الأذى لنا . فالوصف هنا هو الأقوال الدالة عن الأوصاف ، وقد تقدم في سورة يوسف . وهم وصفوا النبي صلى الله عليه وسلم بصفات ذم كقولهم : مجنون وساحر ، ووصفوا القرآن بأنه شعر وأساطير الأولين ، وشهروا ذلك في دهمائهم لتأليب الناس عليه .