فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَٰلَ رَبِّ ٱحۡكُم بِٱلۡحَقِّۗ وَرَبُّنَا ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (112)

ثم حكى سبحانه وتعالى دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله :{ قال رب احكم بالحق } بيني وبين هؤلاء المكذبين بما هو الحق عندك ففوض الأمر إليه سبحانه .

وقال ابن عباس : لا يحكم الله إلا بالحق ، وإنما يستعجل بذلك في الدنيا يسأل ربه ، وقرئ رب بضم الباء قال النحاس : وهذا لحن عند النحويين .

وقرئ أحكم بقطع الهمزة وفتح الكاف وضم الميم ، أي قال محمد : ربي أحكم بالحق من كل حاكم ، وقرئ أحكم بصيغة الماضي ، أي أحكم الأمور بالحق ، وقرئ قل بصيغة الأمر ، أي قل يا محمد

قال أبو عبيدة : الصفة هنا أقيمت مقام الموصوف ، والتقدير رب احكم بحكمك الحق . وقد استجاب سبحانه دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم فعذبهم ببدر ، ثم جعل العاقبة والغلبة والنصر لعباده المؤمنين ، والحمد لله رب العالمين .

ثم قال سبحانه متمما لتلك الحكاية { وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون } من الكفر والتكذيب ، أي هو كثير الرحمة لعباده ، والمستعان به في الأمور التي من جملتها ما تصفونه من أن الشوكة تكون لكم . ومن قولكم : { هل هذا إلا بشر مثلكم ؟ } وقولكم : { اتخذ الرحمن ولدا } ، وكثيرا ما يستعمل الوصف في كتاب الله بمعنى الكذب ، كقوله : { ولكم الويل مما تصفون وقوله : { سيجزيهم وصفهم } ، وقرئ بالتحتية وبالفوقية على الخطاب .